الأخبار المتقدّمة بالحمل على الاستحباب وأمّا بالنسبة إلى بعضها ممّا ورد فيه النهي عن أن تصلّي بغير خمار ونحوه ممّا ظاهره التنافي في بادىء الرأي فيشكل ارتكاب مثل هذا التأويل فيه بحمل النهي على الكراهة ، وتنزيل البأس المنفي في هذه الرواية على الحرمة من غير شاهد خارجي ؛ لأنّ فتح باب هذا النحو من التأويل في الأخبار المتنافية في الظاهر موجب لسدّ باب الترجيح الذي ورد الأمر به في غير واحد من الأخبار.
وقد حكي عن الشيخ حمل رواية ابن بكير على الصغيرة ، أو على صورة الضرورة (١). وهو بعيد.
وأبعد منه ما استقر به في الحدائق من حملها على أنّ المراد بكونها مكشوفة الرأس يعني عن القناع زيادة على ستر الرأس الواجب (٢).
نعم ، لا يبعد هذا التوجيه في روايته الأخرى ، قال : «لا بأس أن تصلّي المرأة المسلمة وليس على رأسها قناع» (٣) لو لا احتمال اتّحادها مع الأولى التي هي كالنصّ في إرادة كونها مكشوفة الرأس ، فالأولى ردّ علمها إلى أهله.
ثمّ إنّا قد أشرنا في صدر المبحث إلى أنّ الذي يشترط في صحّة صلاة المرأة إنّما هو ستر ما يجب ستره من جسدها من غير فرق بين أن يكون ذلك بثوب واحد أو بثوبين فما زاد ، وما في الأخبار المتقدّمة من الأمر بلبس ثوبين و
__________________
(١) التهذيب ٢ : ٢١٨ ، ذيل ح ٨٥٨ ، الاستبصار ١ : ٣٨٩ ، ذيل ح ١٤٨٢ ، وحكاه عنه العاملي في مدارك الأحكام ٣ : ١٨٩ ، وكذا البحراني في الحدائق الناضرة ٧ : ١٢.
(٢) الحدائق الناضرة ٧ : ١٢.
(٣) التهذيب ٢ : ٢١٨ / ٨٥٨ ، الاستبصار ١ : ٣٨٩ / ١٤٨٢ ، الوسائل ، الباب ٢٩ من أبواب لباس المصلّي ، ح ٦.