الشمال ، والمشرق والمغرب ـ لا يجب إلّا استقبال ذلك الطرف ، كما يدلّ عليه في الجملة الصحيحتان المتقدّمتان (١) الدالّتان على أنّ «ما بين المشرق والمغرب قبلة».
ولكنّ الفرق بين هذا السمت المطلق ـ الذي هو أيضا قبلة في الجملة ـ وبين السمت الخاصّ المضاف إلى الشي أنّ هذا السمت قبل اضطراريّة لا يجوز الاجتزاء به إلّا في مقام الضرورة متحرّيا فيه الأقرب فالأقرب ، وهذا بخلاف السمت المضاف إلى الكعبة ، فإنّه قبلة اختياريّة لا يجب عند إحرازه التحرّي إلى الأقرب.
نعم ، قد أشرنا مرارا إلى أنّه مع العلم بسمت أخصّ من ذلك أيضا أو بجهتها الخاصّة المحاذية للكعبة يشكل الانحراف عنه عمدا ، بل لا يجوز كما أوضحناه آنفا.
فمن هنا صحّ أن نقول في تفسير الجهة التي يجب استقبالها للبعيد ـ تبعا للمشهور ـ : هي السمت الذي يحتمل وجود الكعبة في كلّ جزء منه ويقطع بعدم خروجه عنه ، فالنسبة بينها بهذا المعنى وبين السمت المضاف إلى الشيء عرفا ـ الذي له نحو وجود اعتباريّ لدى العقلاء لا مدخليّة للقطع والاحتمال في تحقّقه ـ العموم من وجه ، فربّما تكون أخصّ منها ، كما لو علم بكون الكعبة في طرف خاصّ منها ، وقد تكون أعمّ ، كما لو اشتبهت الجهة العرفيّة في السمت المطلق ، لكن جواز الاجتزاء بمقابلتها حينئذ مشروط بعدم التمكّن من تشخيص
__________________
(١) في ص ١٤.