بدليل ولم يثبت ؛ إذ الأخبار لا تعطي ذلك. واستقرب الشهيد في الذكرى (١) الوجوب ؛ لما رواه ابن بابويه عن الفضيل عن أبي جعفر عليهالسلام ، قال : «صلّت فاطمة عليهاالسلام في درع وخمار ، ليس (٢) عليها أكثر ممّا وارت به شعرها وأذنيها» (٣) وهي مع تسليم السند لا تدلّ على الوجوب. نعم ، يمكن الاستدلال بها على عدم وجوب ستر العنق ، وفي رواية زرارة ، المتقدّمة إشعار به أيضا (٤). انتهى.
أقول : وربما يغلب على الظنّ أنّ من لم يتعرّض لوجوب ستر الشعر زعم أنّه من توابع الجسد ، فألحقه به حكما ، وإلّا لنبّه على عدم وجوب ستره دفعا لتوهّم التبعيّة.
وكيف كان فما أورده على الاستدلال بالرواية من عدم دلالتها على الوجوب يمكن دفعه بأنّ المنساق من الرواية كونها مسوقة لبيان أدنى ما تصلّي المرأة فيه ، لحكاية فعل فاطمة صلوات الله عليها ، فالمراد بها بحسب الظاهر بيان أنّه لا يعتبر في صلاة المرأة أزيد من ذلك ، وظاهرها حصول مواراة الشعر والأذنين عن عمد ، فيكشف ذلك عن اعتباره في الصلاة ، اللهمّ إلّا أن يناقش فيه بإمكان كونه على سبيل الاستحباب ، فليتأمّل.
وأمّا ما ذكره من دلالتها على عدم وجوب ستر العنق ، ففيه منع ظاهر ، فكأنّه قدسسره زعم أنّ المقصود بقوله عليهالسلام : «ليس عليها أكثر ممّا وارت به شعرها و
__________________
(١) الذكرى ٣ : ١١.
(٢) كذا في المدارك ، وفي الفقيه والوسائل هكذا : «في درع وخمارها على رأسها ، ليس ..».
(٣) تقدّم تخريجه في ص ٣٨٥ ، الهامش (٥).
(٤) مدارك الأحكام ٣ : ١٨٩ ـ ١٩٠.