مقتضاه جواز جعله خلف المنكب الأيسر أيضا ، فيقتضي كون جهة القبلة في غاية السعة بحيث يقرب من ربع الدائرة ، ولا يظنّ بأحد الالتزام به عدا من زعم أنّ ما بين المشرق والمغرب قبلة مطلقا ، وقد عرفت ضعفه ، فالأولى إمّا الحكم بإجمال الرواية ، أو حملها على إرادة ما بين الكتفين ، كما لعلّه المتبادر منه ، فتنطبق على سائر العلائم.
وأمّا ما ذكروه في الجدي من وضعه خلف المنكب الأيمن : فلعلّه مبنيّ على ما تقتضيه قواعد الهيئة بالنسبة إلى بعض نواحي العراق ، فأطلقوا القول بذلك في العراق كلّه ، نظرا إلى كفايته في إحراز الجهة في جميع نواحيها.
واستدلّ بعض (١) لذلك ببناء مسجد الكوفة ، الذي هو من المشاعر العظام المعلوم وجوده في عصر الأئمّة عليهمالسلام ، وصلاة أمير المؤمنين عليهالسلام فيه ، وهو يوافق هذه العلامة.
ولكن قد يشكل ذلك بعدم ثبوت كونه بهذا الوضع في السابق ، مع أنّ الظاهر كونه مبنيّا بأمر خلفاء الجور ، ولم يثبت أنّ أمير المؤمنين عليهالسلام صلّى فيه من غير تياسر ، بل الظاهر أنّه كان يتياسر حتّى اشتهر عند شيعته استحباب التياسر ، كما يفصح عن ذلك بعض الأخبار الآتية.
(و) ربما جعل بعض بناء هذه المساجد على غير جهة القبلة قرينة لتوجيه الأخبار الواردة ـ بحسب الظاهر ـ في أهل العراق ، الدالّة بظاهرها على أنّه
__________________
(١) الشهيد الثاني في المقاصد العليّة : ١٩٧.