تعالى (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) (١) قال : «معنى شطره : نحوه إن كان مرئيّا ، وبالدلائل والأعلام إن كان محجوبا ، فلو علمت القبلة لوجب استقبالها والتولّي والتوجّه إليها ، ولو لم يكن الدليل عليها موجودا حتّى تستوي الجهات كلّها فله حينئذ أن يصلّي باجتهاده حيث أحبّ واختار حتى يكون على يقين من الدلالات المنصوبة والعلامات المبثوثة ، فإن مال عن هذا التوجّه مع ما ذكرناه حتّى يجعل الشرق غربا والغرب شرقا ، زال معنى اجتهاده وفسد حال اعتقاده» (٢).
ويؤيّده بل يشهد له بعض الأخبار التي تسمعها إن شاء الله في من صلّى بظنّ القبلة فانكشف له الخطأ ، وغير ذلك ممّا لا يخفى على المتتبّع.
ولا يعارضها مرسلة خراش عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : قلت : جعلت فداك إنّ هؤلاء المخالفين علينا يقولون : إذا أطبقت السماء علينا أو أظلمت فلم نعرف السماء كنّا وأنتم سواء في الاجتهاد ، فقال : «ليس كما يقولون ، إذا كان ذلك فليصلّ لأربع وجوه» (٣) لقصورها عن الحجّيّة بعد ضعف سندها ومخالفة ظاهرها للمشهور ، فضلا عن مكافئتها لما عرفت ، وهي على تقدير حجّيّتها لا تصلح مقيّدة للأخبار المتقدّمة بحملها على صورة الضرورة كما توهّمه بعض (٤) ، فإنّ
__________________
(١) البقرة ٢ : ١٤٤ و ١٥٠.
(٢) حكاه عنه السيّد المرتضى في رسالة المحكم والمتشابه (مخطوط) : ١٢٦ ـ ١٢٧ ، كما في الوسائل ، الباب ٦ من أبواب القبلة ، ح ٤.
(٣) التهذيب ٢ : ٤٥ / ١٤٤ ، الاستبصار ١ : ٢٩٥ / ١٠٨٥ ، الوسائل ، الباب ٨ من أبواب القبلة ، ح ٥.
(٤) كالشيخ الطوسي في التهذيب ٢ : ٤٥ ، ذيل ح ١٤٥ ، و ٤٦ ، ذيل ح ١٤٨ ، والاستبصار ١ : ٢٩٥ ، ذيل ح ١٠٨٩.