لا يخلو من نظر.
اللهمّ إلّا أن يريدا بغلبة الظنّ اعتقاد الخطأ ، أو يقولا بوجوب مقابلة نفس الكعبة أو الحرم عينا لا جهة ، فيتّجه حينئذ القول باعتبار عدم ظنّ الخطأ ، بل ظنّ الصحّة ، بل الأوجه على هذا التقدير القول بعدم اعتبار قبلة البلد رأسا ؛ ضرورة عدم انضباطها بهذا الحدّ ، فإنّ قبلة البلد عبارة عن الجهة التي بني عليها مساجدهم ومحاريبهم ومقابرهم ، ويستقبلها أهله في الصلاة ونحوها ، ومن الواضح اختلاف بعضها مع بعض بمقدار يمتنع مقابلة جميعها في البلاد النائية لعين الحرم فضلا عن الكعبة.
ودعوى أنّ هذا المقدار من الاختلاف إنّما يخلّ بالمحاذاة الحقيقيّة دون الحسّيّة التي يراها العرف استقبالا حقيقيّا بواسطة البعد غير مسموعة بعد أنّا نرى في الحسّ خلافها عند المقايسة بالأنجم التي نقابلها حسّا ، التي هي أبعد من الكعبة أضعافا مضاعفة ، فهذا من أوضح المفاسد التي نقابلها حسّا ، التي هي أبعد من الكعبة أضعافا مضاعفة ، فهذا من أوضح المفاسد التي تردّ على القائلين باعتبار مقابلة العين ، حيث إنّ قولهم بهذا يناقض التزامهم بجواز الاعتماد على مثل هذه الأمارات التي لا يمكنهم إنكارها.
فتلخّص ممّا ذكر أنّ جواز التعويل على قبلة أهل البلد ـ المستكشفة بمحاريبهم ومقابرهم ونحوها ـ ممّا لا مجال لإنكاره ، ولا يجوز مخالفتها بالظنون الاجتهاديّة المؤديّة لخلافها.
اللهمّ إلّا أن يكون مؤدّى الاجتهاد الاختلاف اليسير الغير الموجب للخروج عن الجهة العرفيّة التي قد بيّنّا مرارا أنّ هذا النحو من العلائم لا تفيد إلّا معرفتها