أي لا يجتمع (١) أجزاؤه في الوجود والزّمان جزء من مفهوم الفعل ، كان (٢) الفعل مع إفادته التّقييد بأحد الأزمنة الثّلاثة مفيدا للتّجدّد ، وإليه أشار (٣) بقوله : [مع إفادة التّجدّد ، كقوله :] أي كقول طريف بن تميم [أو كلّما وردت عكاظ] هو متسوّق (٤) للعرب
______________________________________________________
(١) تفسير لقوله : «غير قارّ الذّات» أي الكمّ على قسمين :
أحدهما : قارّ الذّاتّ ، أي ما تجتمع أجزاؤه في الوجود ، كالمقادير.
وثانيهما : غير قارّ الذّاتّ أي ما لا تجتمع أجزاؤه في الوجود ، كالزّمان.
(٢) جواب لقوله : «لمّا كان» أي لمّا كان التّجدّد لازما للزّمان الّذي هو جزء لمدلول الفعل ، كان الفعل مع إفادته التّقييد بأحد الأزمنة مفيدا للتّجدّد ، لأنّ إفادة الملزوم ، وهو الزّمان مستلزم لإفادة اللّازم وهو التّجدّد.
(٣) أي أشار المصنّف بقوله : «مع إفادة التّجدّد» الّذي هو من لوازم الزّمان الّذي هو جزء من مفهوم الفعل ، وتجدّد الجزء يقتضي تجدّد الكلّ.
تحقيق الكلام في المقام : أنّه لا ريب في أنّ الفعل يدلّ على الحدث المقارن للزّمان ، كما هو المشهور ، ومن المسلّمات عند القدماء ، هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى : لا ريب في كون الزّمان متجدّدا ، لأنّهم قد عرّفوه بأنّه عرض قابل للقسمة لذاته ، غير قارّ الذّاتّ ، أي لا تجتمع أجزاؤه في الوجود ، فيكون كلّ من تلك الأجزاء حادثا.
ومن ناحية ثالثة : أنّه لا معنى لمقارنة شيء لأمر حادث إلّا حدوثه معه ، إذ لو كان حدوثه قبله ، أو كان قديما لزم انفكاكه عنه والمفروض مقارنتهما ، فبضوء تلك النّواحي نستنتج أنّ مجموع مدلول الفعل من الحدث والزّمان متجدّد.
(٤) «متسوّق» بفتح الواو المشدّدة اسم لمكان البيع والشّراء ، و (عكاظ) أشهر أسواق العرب في الجاهليّة ، وأعظمها بين نخلة والطّائف ، كانت تقام في مستهلّ ذي القعدة ، وتستمرّ عشرين يوما ، تجتمع فيه قبائل العرب.