لأنّ الحكم كلّما زاد خصوصا زاد غرابة (١) وكلّما زاد غرابة زاد إفادة ، كما يظهر بالنّظر إلى قولنا : شيء ما موجود (٢) ، وفلان بن فلان حفظ التّوراة سنة كذا في بلد كذا ، ولمّا استشعر (٣) سؤالا ، وهو أنّ خبر كان من مشبّهات المفعول ، والتّقييد به ليس لتربية الفائدة لعدم الفائدة بدونه ، أشار (٤) إلى جوابه بقوله : [والمقيّد في نحو : كان زيد
______________________________________________________
(١) أي بعدا عن الذّهن ، وقلّة خطور بالبال «وكلّما زاد غرابة» أي بالنّسبة الى السّامع «زاد إفادة» له ، والحاصل إنّ الحكم المطلق الخالي عن القيود لا يزيد على فائدة نسبة المحمول إلى الموضوع ، وربّما كان ذلك الحكم معلوما عند السّامع ، كقولنا «شيء ما موجود» فإنّه معلوم بالضّرورة ، فلا يفيد ، فإذا زيد فيه قيد كان فيه فائدة غريبة ، والحكم الغريب مستلزم للإفادة ، للجهل به غالبا ، وكلّما كثرت غرابته بكثرة قيوده فقد كثرت فوائده ، وإن شئت تربية الفائدة بالتّقييد بالأمور المذكورة ، فوازن بين قولك أكرمت ، وحفظت وقرأت وجلست وتصدقت وجلست ولا أحبّ ، وبين فولك : أكرمت أهل العلم والمعرفة ، وحفظت سورة البقرة في ثلاثة أيّام ، وقرأت الكتب العلميّة في النّجف الأشرف ، وجلست أمام ضريح السّيدة زينب عليهاالسلام في دمشق ، وتصدّقت بأموالي مخلصا ، ولا أحبّ إلّا المؤمنين والصّالحين.
(٢) الإخبار عن شيء مطلق بالوجود غير مفيد ، لأنّه معلوم بالضّرورة بخلاف المثال الثّاني فإنّ فيه غرابات بكثرة القيود ، وبذلك كثرت فوائده.
(٣) وإنّما يستشعر هذا السّؤال من قوله : «ونحوه» فلو اقتصر على قوله : «بمفعول» لما استشعر هذا السّؤال ، لكن يلزم اختصاص تقييد الفعل وما يشبهه بالتّقييد بالمفعول ، مع أنّه أعمّ منه حيث يكون بنحوه أيضا.
وتقريب السّؤال إنّ خبر كان ممّا هو نحو المفعول حيث إنّه من المنصوبات» والتّقييد به» ، أي والحال إنّ تقييد كان بهذا الخبر «ليس لتربية الفائدة لعدم الفائدة بدونه» أي الخبر ، فهو لتحقّق أصل الفائدة لا لتكثيرها ، فإذا لا مجال لقوله : «وأمّا تقييد الفعل» بمفعول ونحوه «فلتربية الفائدة».
(٤) جواب لمّا في قوله : «ولمّا استشعر ...» ، وحاصل الجواب إنّ خبر كان خارج عن تقييد الفعل بالمفعول ونحوه ، لأنّه من تقييد نحو المفعول ، أعني خبر كان بالفعل ، أعني كان لا من تقييد الفعل بنحو المفعول.