والاستثناء (١) [فلتربية الفائدة (٢)]
______________________________________________________
فالتّعيين فائدة زائدة على ما يفيده الفعل من المعنى المردّد بين الحقيقيّ والمجازي فيكون لتربية الفائدة.
(١) اعترض على الشّارح بأنّ ذكر الاستثناء ـ أي المستثنى ـ هنا وقع في غير محلّه ، لأنّه إمّا أن يكون مستثنى من الفاعل ، أو من المفعول به ، أو من غيره ، وعلى جميع التّقادير يكون من تتمّة المستثنى منه ، فليس التّقييد به لتربية ، إذ على تقدير كونه مستثنى من الفاعل يكون من تتمّته ، فهو لأصل الفائدة لا لتربيتها ، وعلى تقدير كونه مستثنى من غير الفاعل ، فتربية الفائدة تحصل قبله بالمستثنى منه ، فلا يبقى مجال بعد ذلك لكون التّقييد به لتربية الفائدة.
الجواب إنّ المستثنى عن غير الفاعل له دخل في تربية الفاعل كالمستثنى منه ، وعدّ الفاعل ممّا له دخل في أصل الفائدة تحكم واضح.
(٢) قد يقال : إنّ الفعل المتعدّي متى ذكر يعرف أنّ هناك مفعولا به ، لأنّ تعقّل الفعل المذكور يتوقّف على تعقّله ، وأفاد أيضا أنّ هناك مفعولا فيه ومعه وله ، فلا يكون التّقييد بهذه الأشياء لتربية الفائدة ، إذ ليس ذكرها مفيدا لشيء زائد على ما يستفاد بمجرّد ذكر الفعل.
ويمكن الجواب عن ذلك : بأنّ الفعل المتعدّي متى ذكر يدلّ على هذه الأمور على نحو الإجمال والإبهام ، فبذكرها يحصل التّعيين ، ولا ريب أنّ التّعيين فائدة زائدة ، فيكون الذّكر لتربية ما فهم إجمالا.
لا يقال : إنّ هذا مستلزم لأن يكون ذكر الفاعل أيضا لتربية الفائدة ، لأنّ الفعل متى ذكر يدلّ عليه إجمالا ، فبذكره يحصل التّعيين ، وهو فائدة زائدة.
لأنّا نقول : إنّ النّسبة إلى فاعل خاصّ قد أخذ في مفهوم الفعل ، فما لم يذكر الفاعل لا يحصل أصل الفائدة ونفس المفهوم.
نعم لو كان المأخوذ في مفهوم الفعل النّسبة إلى فاعل ما ، لكان مثل المفاعل وما يلحق بها ، في كون ذكره لتربية الفائدة ، إلّا أنّ الأمر ليس كذلك ، بل المأخوذ في مفهومه النّسبة إلى الفاعل الخاصّ على ما ذكروه.