بوقوع الشّرط (١) [تجاهلا]. كما إذا سئل العبد عن سيّده ، هل هو في الدّار ، وهو (٢) يعلم أنّه فيها ، فيقول : إن كان فيها أخبرك ، يتجاهل خوفا من السّيّد (٣) [أو لعدم جزم المخاطب (٤)] بوقوع الشّرط ، فيجري الكلام على سنن اعتقاده [كقولك لمن يكذّبك : إنّ صدقت فما ذا تفعل؟ (٥)] مع علمك بأنّك صادق (٦) [أو تنزيله] أي تنزيل المخاطب العالم بوقوع الشّرط [منزلة الجاهل ، لمخالفته مقتضى العلم] كقولك لمن يؤذي أباه : إن كان أباك فلا تؤذه (٧).
______________________________________________________
(١) قيد به الشّارح نظرا إلى الأمثلة المذكورة ، وإلّا فقد تستعمل في الجزم بعدم وقوعه أيضا ، الّذي هو خلاف أصلها أيضا ، لأنّ أصلها أن تستعمل في الأمور المحتملة.
(٢) أي العبد» يعلم» أنّ مولاه وسيّده في الدّار ، ومع ذلك» يقول : إن كان فيها أخبرك ، يتجاهل خوفا من السّيّد»
(٣) أي من عتابه على الإعلام ، فيجعل كون السّيّد في الدّار ، في حكم غير المقطوع به ، فيستعمل إن ، وإن لم يكن في محلّها لأنّه خلاف أصلها.
وبعبارة أخرى : العبد مع علمه بوجود سيّده في الدّار ، يتجاهل خوفا منه ، لأنّه أوصاه بأن لا يعلم أحدا بوجوده في الدّار ، إلّا بعد مشاورته ، وهذا التّجاهل يعدّ من نكات علم المعانيّ ، حيث اقتضاه الحال ، كما في المثال ، فإن كان إيراده لمجرد الظّرافة كان من البديع.
فلا يرد ما قيل : بأن تجاهل العارف من قبيل سوق المعلوم مقام غيره ، وهو من أنواع البديع ، فيكون ذكره هنا تطفّلا.
(٤) مع علم المتكلّم بوقوع الشّرط ، إلّا أنّ الكلام يجري على مقتضى اعتقاد المخاطب ، إمّا على سبيل الحقيقة ، أو على سبيل التّنزيل.
(٥) هذا مثال لكون الكلام جاريا على مقتضى اعتقاد المخاطب ، على سبيل الحقيقة ، أي إن ظهر صدقي فبأيّ شيء تدفع خجلتك ، الاستفهام للتّقرير ، أي لا تقدر على ما يدفع خجلتك.
(٦) أي لأنّ الإنسان عارف بصدق نفسه.
(٧) هذا مثال لكون الكلام جاريا على مقتضى اعتقاد المخاطب على سبيل التّنزيل ، لأنّ علمه بكونه أباه محقّق ، لكن نزّل منزلة غير العالم ، لعدم جريه على موجب علمه ، وهو عدم الإيذاء ، فعبّر بإن لأجل أن يجري الكلام على سنن اعتقاد المخاطب تنزيلا.