على جانب الغيبة (١) ، [ومنه] أي من التّغليب (٢) [أبوان] للأب والأمّ ، [ونحوه] كالعمرين لأبي بكر وعمر ، والقمرين للشّمس والقمر ، وذلك بأن يغلّب أحد المتصاحبين (٣) أو المتشابهين (٤) على (٥) الآخر ، بأن يجعل (٦) الآخر متّفقا له في الاسم (٧) ثمّ يثنّى ذلك الاسم ، ويقصد اللّفظ إليهما (٨) جميعا فمثل أبوان ، ليس من قبيل قوله تعالى : (وَكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ) كما توهّمه بعضهم (٩)
______________________________________________________
(١) أي اللّفظ ، والحاصل إنّ لفظة القوم لها جهتان : جهة المعنى ، وجهة اللّفظ ، فمن حيث المعنى مخاطب ، لأنّ الخبر عين المبتدأ ، ومن حيث اللّفظ غائب ، لأنّه اسم ظاهر ، والأسماء الظّاهرة كلّها موضوعة للغيبة ، إلّا المنادى لأنّه بمنزلة كاف الخطاب. فغلّب جانب المعنى والمصداق ، لأنّه أشرف وأكمل وأقوى على جانب اللّفظ ، وأعيد إليه الضّمير من جملة الصّفة بتاء الخطاب.
(٢) التّفسير المذكور إشارة إلى أنّ الأمثلة الآتية أمثلة من مطلق التّغليب ، وليست من نحو : (وَكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ) إذ ليس وصف مشترك بين الأب والأمّ ، لأنّ الأبوّة ليست صفة مشتركة بينهما.
(٣) أي كالأبوين والعمرين.
(٤) أي كالقمرين ، لأنّهما كوكبان نيّران يستضيء العالم بنورهما.
(٥) متعلّق بقوله : «يغلّب».
(٦) بيان للتّغليب.
(٧) أي لا في المعنى.
(٨) أي المتصاحبين أو المتشابهين ، أي يطلق اللّفظ عليهما بعموم المجاز ، نعم ينبغي أن يغلّب الأخفّ لفظا ، كما في العمرين ، حيث إنّ حروف عمر قليلة بالنّسبة إلى أبي بكر ، لأنّ المقصود من التّغليب التّخفيف ، فيختار ما هو أبلغ في الخفّة ، إلّا أن يكون أحدهما مذكّرا والآخر مؤنّثا ، فحينئذ لم ينظر إلى الخفّة ، بل يغلّب المذكّر على المؤنّث كالقمرين في الشّمس والقمر ، حيث غلّب القمر على الشّمس لكونه مذكّرا والشّمس مؤنّثا.
(٩) أي بعض الشّارحين ، وهو السّيد عبد الله ، وعلّة التّوهّم هي اجتماعهما فيتنزيل المؤنّث منزلة المذكّر ، فالتّغليب في كلا المثالين إنّما هو من قبيل المذكّر على المؤنّث.