إن تعتدّ بإكرامك إياي الآن فأعتد بإكرامي إياك أمس ، وقد تستعمل إن في غير الاستقبال (١) قياسا مطّردا مع كان ، نحو : (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ) (٢) كما مرّ (٣) وكذا إذا جيء بها (٤) في مقام التّأكيد (٥) بعد واو الحال لمجرّد (٦) الوصل
______________________________________________________
(١) أي في الماضي الحقيقيّ ، وذلك فيما إذا قصد بها تعليق حصول مضمون الجزاء بحصول مضمون الشّرط في الماضي.
لا يقال : إنّ هذا لا ينافي ما تقدّم آنفا من أنّ الشّرط مفروض الحصول في الاستقبال.
لأنّا نقول : إنّ كون الشّرط كذلك إنّما هو فيما إذا كانت إن جائية على أصلها ، وهو كونها لتعليق حصول مضمون الجزاء بحصول مضمون الشّرط في الاستقبال ، لا فيما إذا كانت جائية على خلاف أصلها ، كما هو المفروض في المقام ، فيكون هذا المورد من المجازات الشّائعة المشهورة.
(٢) أي وإن كنتم في شكّ وريب فيما مضى ، واستمرّ ذلك الرّيب إلى وقت الخطاب (فَأْتُوا بِسُورَةٍ) أي فأنتم مطالبون بما يزيله ، وهو المعارضة والإتيان بالسّورة مثل سور القرآن. فإذا كان التّقدير كذلك ، لا يرد عليه ما في بعض الشّروح من أنّه إن كان المعلّق عليه حقيقة هذا الفعل فهو مشكل ، لأنّ المعلّق مستقبل ولا يمكن تعليقه بالماضي ، وإن كان التّقدير وإن ثبت ، أي في المستقبل كونكم مرتابين فيما مضى ، فأتوا بسورة كانت ، إن لم تستعمل حقيقة إلا مع المستقبل. والدّليل على التّقدير المتقدّم هو العلم بأنّ المأمور بطلب المعارضة المشعر بالتّبكيت هو المرتاب في الحين ، لا الّذي سبق منه الرّيب أو سيرتاب وهو مؤمن فعلا ، ومن ذلك يظهر عدم إمكان التّأويل فيه ، لعدم المعنى على الاستقبال يقينا.
(٣) قوله : «كما مرّ» أي في بحث التّغليب إنّ إن لا تقلب كان إلى المستقبل ، لأصالتها وعراقتها في الدّلالة على المضيّ.
(٤) أي بإن.
(٥) أي تأكيد الحكم.
(٦) متعلّق بقوله : «جيء» ، أي جيء بإن لمجرّد وصل ما بعدها من الجملة الحاليّة بما قبلها ، وهو صاحبها ، فليست إن شرطيّة.