إلّا لنكتة (١)] لامتناع مخالفة مقتضى الظّاهر من غير فائدة ، وقوله : (٢) لفظا ، إشارة إلى أنّ الجملتين ، وإن جعلت كلتاهما أو إحداهما اسميّة (٣) ، أو فعليّة ماضويّة ، فالمعنى على الاستقبال (٤) حتّى أنّ قولنا (٥) إن أكرمتني الآن فقد أكرمتك أمس ، معناه (٦)
______________________________________________________
(١) أي لفائدة مقتضية لما يخالف الأصول ، وذلك» لامتناع مخالفة مقتضى الظّاهر من غير فائدة» فقوله : «لامتناع ...» علّة النّفي ، وحاصل الكلام إنّه لا يخالف عن جعل كلّ من جملتي الشّرط والجزاء فعليّة استقباليّة إلّا لنكتة ، وذلك لأنّ ظاهر الحال يقتضي مراعاة الموافقة بين اللّفظ والمعنى ، فلا يعدل عن الموافقة المذكورة إلّا لنكنة ، لأنّ العدول عنها بلا نكتة ممنوع في البلاغة.
(٢) أي قول المصنّف» لفظا ، إشارة إلى أنّ الجملتين» أي جملة الشّرط والجزاء.
(٣) ظاهر هذا الكلام يقتضي جواز وقوع جملة اسميّة شرطا لكلّ من إن وإذا ، وقد تقرّر في النّحو امتناعه عند الجمهور ، نعم ذهب الكوفيّون إلى جواز وقوع الجملة الاسميّة شرطا لإن ، وذهب الأخفش وابن مالك إلى جواز وقوعها شرطا لإذا ، فما ذكره الشّارح إمّا مبنيّ على مذهبهما ومذهب الكوفيين ، وإمّا محمول على أنّ المراد بقوله : «إحداهما» هو الأحد المعيّن ، أعني الجزاء بخصوصه ، لأنّ وقوع الاسميّة جزاء ، وكذا الفعليّة الماضويّة ممّا لا خلاف فيه.
(٤) أي فالمعنى لا تجوز المخالفة فيه مع الإمكان ، بخلاف اللّفظ ، فإنّه قد يخالف لنكتة.
(٥) أتى به لقصد المبالغة في كون المعنى على الاستقبال ، فإنّه ناطق بأنّ المعنى الاستقبالي حتّى فيما إذا صرّح بالآن والأمس في الكلام ، مع إمكان الحمل على الاستقبال بالتّأويل أو التّقدير.
(٦) أي قولنا» إن تعتدّ» أنت في الزّمان الآتي ، أي في الزّمان المستقبل ، «بإكرامك إياي الآن فأعتدّ» أنا «بإكرامي إيّاك أمس» فالشّرط والجزاء استقاليّان ، لأنّ الآن والأمس ظرفان للإكرام ، لا للاعتداد المستفاد من قوله : «تعتدّ وأعتدّ» المقدّران بقرينة المقام.
نعم قوله : «فأعتدّ» إمّا بصيغة المتكلّم ، أو بصيغة الأمر ، فالهمزة على الأوّل للقطع ، وعلى الثّاني للوصل ، كما أنّ الدّال تقرأ بالضّم على الأوّل ، وبالفتح على الثّاني.