يكثر (١) تصوّره] أي الطّالب [إيّاه] أي ذلك الأمر ، [فربّما (٢) يخيّل] أي ذلك الأمر [إليه حاصلا (٣)] ، فيعبّر عنه (٤) بلفظ الماضي [وعليه (٥)] أي على استعمال الماضي مع إن لإظهار الرّغبة في الوقوع ، ورد قوله تعالى : (وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً)(١) (٦)
______________________________________________________
(١) يصحّ أن يقرأ بفتح حرف المضارعة وضمّ ثالثه ، وأن يقرأ بضمّ حرف المضارعة وكسر ثالثه ، ثمّ «تصوّره» مرفوع على أنّه فاعل ليكثر على الاحتمال الأوّل ، ومنصوب على أنّه مفعوله على الاحتمال الثّاني.
(٢) أي كثيرا ما يظنّ ذلك الأمر إلى ذلك الطّالب حاصلا ، فقوله : «فربّما ...» جواب إذا في قوله : «إذا عظمت ...».
(٣) أي حاصلا فيما مضى.
(٤) أي عن الأمر الّذي عظمت رغبة الطّالب في حصوله ، وكثر تصوّره إيّاه «بلفظ الماضي» هذا معنى إبراز غير الحاصل في معرض الحاصل ، ثمّ إنّ قوله : «فإنّ الطّالب ...» علّة لكون إظهار الرّغبة سببا لإبراز غير الحاصل في معرض الحاصل ، وهي علّة غائيّة له إن بقيت على ظاهرها ، فإنّ إظهار الرّغبة متأخّر عن الإبراز ، وعلّة فاعليّة إن أريد منه قصد إظهارها لتقدّمه على الإبراز المذكور.
(٥) إنّما قال : «عليه» ولم يقل نحو : (إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً ،) لأنّ التّعبير عن المستقبل بالماضي في قوله تعالى ، ليس لإظهار الرّغبة ، لأنّها عبارة عن اشتياق النّفس إلى شيء ، ولا ريب أنّه مستحيل عليه سبحانه تعالى ، بل لإظهار كمال الرّضا اللّازم للرّغبة ، أو لإظهار كون إرادة التّحصّن مرغوبا فيه في نفس الأمر ، من دون اعتبار كون الرّغبة قائمة في نفس المتكلّم ، وأيضا إنّ ما ذكره المصنّف من بيان اقتضاء إظهار الرّغبة للإبراز لا يجري في حقه تعالى ، لأنّ كثرة التّصوّر وتخيّل الحصول محال عليه سبحانه ، فإذا لا مجال لحمل التّعبير عن المستقبل بالماضي في قوله تعالى على كونه لإظهار الرّغبة بالمعنى الّذي في المثال المذكور ، بل لابدّ من حمله على المعنى المذكور في الشّرح ، أو على ما قيل من أنّ إظهار رغبته تعالى في وقوع الشّيء ، إظهار إيجابه وطلبه طلبا جازما.
(٦) أي إن أظهرن الرّغبة في التّحصّن والعفّة ، ولكن إكراه الموالي حال دون رغباتهنّ ، قال
__________________
(١) سورة النّور : ٣٣.