أي لقصر (١) المسند إليه على المسند ، على ما حقّقناه في ضمير الفصل (٢) ، لأنّ معنى قولنا : تميمي أنا ، هو أنّه (٣) مقصور على التّميميّة لا يتجاوزها إلى القيسيّة [نحو : (لا فِيها غَوْلٌ)(١) (٤) أي بخلاف خمور الدّنيا] ، فإنّ فيها غولا.
______________________________________________________
(١) أي التّفسير إشارة إلى أنّ المراد من العبارة ما هو خلاف الظّاهر ، يعني معناها تخصيص المسند إليه بالمسند ، مع أنّ الظّاهر هو العكس ، فكان حق العبارة أن يقول : فلتخصيص المسند به ، لأنّ الباء غالبا إنّما تدخل على المقصور عليه ، وههنا دخلت على المقصور على خلاف الأصل.
وبعبارة أخرى إنّ العبارة وإن كانت بحسب المتفاهم العرفيّ ظاهرة في أنّ المسند مقصور ، والمسند إليه مقصور عليه ، لكن لم يرد منها هذا المعنى بل أريد منها عكس ذلك ، على ما جرى عليه اصطلاحهم من إدخالهم الباء على المقصور بعد الاختصاص.
(٢) من أنّ الباء تدخل على المقصور ، وهو الاستعمال الشّائع عندهم ، كما في قولهم : نخصّك بالعبادة ، أي نخصّ العبادة بك.
(٣) أي المتكلّم مقصور على التّميميّة لا يتجاوز المتكلّم التّميميّة إلى القيسيّة ، أي لا يتجاوز وصفه بنسبته إلى تميم إلى وصفه بنسبته إلى قيس ، نحو قولك : قائم زيد.
فمعناه أنّ زيدا مقصور على صفة القيام لا يتجاوزه إلى صفة القعود ، فهو من قصر الموصوف على الصّفة قصرا إضافيا.
(٤) أي ليس في خمور الجنة غول ، أي إذهاب العقل ، لأنّ الغول ما يتبع شرب الخمر من زوال العقل وغيره ، فعدم الغول مقصور على الكون في خمور الجنّة لا يتعدّاه إلى الكون في خمور الدّنيا ، فإنّ فيها غولا ، أي إذهاب العقل وصداع ، وقدّم الخبر ، أعني فيها لقصر المبتدأ عليه ، أعني غول. فإنّ عدم الغول قد قصر على الكينونة بفي خمور الجنة لا يتجاوزها إلى الكينونة بفي خمور الدّنيا ، فهو من قصر الموصوف قصرا إضافيّا ، بمعنى أنّ عدم الغول فيها بالإضافة إلى خمور الدّنيا ، وإليه أشار بقوله : «بخلاف خمور الدّنيا».
__________________
(١) سورة الصّافّات : ٤٧.