إلى الاتّصاف بفي خمور الدّنيا ، وإن اعتبرت النّفي في جانب المسند ، فالمعنى أنّ الغول مقصور على عدم الحصول في خمور الجنّة لا يتجاوزه إلى عدم الحصول في خمور الدّنيا ، فالمسند إليه مقصور على المسند قصرا غير حقيقي. وكذلك (١) القياس في قوله تعالى : (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ) ونظيره (٢) ما ذكره صاحب المفتاح في قوله
______________________________________________________
أصل الظّلم له تعالى ، فعلى هذا يصحّ أن لا يعتبر العدول في الآية ، ويكون مفادها قصر نفي الغول على الكون في خمور الجنّة ، فالغول مسلّم الثّبوت والنّزاع في محلّه ، فالمخاطب يعتقد محلّيّة خمور الجنّة والمتكلّم ينفي ذلك.
وكيف كان فالمسند إليه مقصور على المسند قصرا غير حقيقي على كلا التّقديرين ، أي سواء اعتبر النّفي في جانب المسند إليه أو في جانب المسند ، إذ لو كان مقصورا عليه قصرا حقيقيّا يلزم ثبوت الغول فيما عدا خمور الجنّة من خمور الدّنيا وسائر الأشربة ، وهذا وإن كان صحيحا بالنّظر إلى خمور الدّنيا لكن ليس بصحيح بالنّظر إلى سائر الأشربة.
(١) أي ليس القصر حقيقيا في قوله تعالى آمرا للنّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يقول للكافرين (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ) أي إنّ دينكم مقصور على الاتّصاف بكونه لكم ، ولا يتجاوزه إلى الاتّصاف بكونه لي ، وديني مقصور على الاتّصاف بكونه لي لا يتجاوزه إلى الاتّصاف بكونه لكم ، وهذا لا ينافي أنّه يتّصف به أمّته المؤمنون ، فلهذا يكون القصر إضافيّا ، ويكون من قصر الموصوف على الصّفة.
(٢) أي نظير قصر المسند إليه على المسند المنفي في كونه قصر موصوف على صفته في باب الظّرف ، لا نظيره في التّقديم ، لأنّ المسند فيه مؤخّر على الأصل ، والحصر جاء عن النّفي لا من التّقديم لأنّ المعنى ما حسابهم إلّا على ربّي ، فلهذا كان نظيرا لا مثالا.
وبعبارة أخرى إنّما جعل نظيرا ولم يجعل مثالا ، لأنّ قوله : (إِنْ حِسابُهُمْ إِلَّا عَلى رَبِّي) ليس ممّا تقدّم فيه المسند لقصر المسند إليه عليه ، بل الحصر جاء من إن النّافية وإلّا الاستثنائيّة ، ولهذا غيّر الأسلوب حيث لم يقل : وكذا قوله تعالى : (إِنْ حِسابُهُمْ إِلَّا عَلى رَبِّي ،) بل قال «ونظيره ...».