ولم يقدّر له مفعول ، لأنّ المقدّر كالمذكور] في أنّ السّامع يفهم منهما (١) أنّ الغرض الإخبار بوقوع الفعل عن الفاعل باعتبار تعلّقه (٢) بمن وقع عليه ، فإنّ قولنا (٣) فلان يعطي الدّنانير يكون لبيان جنس ما يتناوله الإعطاء ، لا لبيان كونه معطيا ، ويكون كلاما مع من أثبت له إعطاء غير الدّنانير (٤) لا مع (٥) من نفي أن يوجد منه إعطاء.
______________________________________________________
(١) أي من المذكور والمقدّر.
(٢) أي تعلّق الفعل بمن وقع عليه فينتقض غرض المتكلّم ، لأنّ غرض المتكلّم إثبات الفعل للفاعل ، أو نفيه عنه مطلقا.
(٣) استدلال على فهم السّامع ما ذكر ، ومثال لفهم السّامع من المذكور ، أي الدّنانير ، إنّ الغرض بيان جنس ما يتناوله الإعطاء من الدّنانير والدّراهم ، لا لبيان نفس الفعل ، وكون فلان معطيا ، وإلّا لاقتصر في التّعبير على قولنا : فلان معط ، فقوله : فلان يعطي الدّنانير ، مقول لمن سلّم وجود الإعطاء ، وجهل أو أنكر تعلّقه بالدّنانير ، كما أنّ قوله : فلان يعطي ، بدون ذكر الدّنانير مقول لمن نفى من فلان أن يوجد الإعطاء منه.
وبعبارة أخرى : أنّه فرق بين اعتبار تعلّق الفعل بالمفعول ، وبين عدم اعتبار ذلك ، توضيحه أنّك إذا فلان يعطي الدّنانير ، كان معناه الإخبار بالإعطاء المتعلّق بالدّنانير ، ويكون كلاما مع من سلّم وجود الإعطاء ، وجهل تعلّقه بالدّنانير فتردّد أو غفل أو اعتقد خلافه. وإذا فلان يعطي ، كان كلاما مع من جهل وجود الإعطاء ، أو أنكره من أصله.
(٤) أي اعتقد المخاطب على أنّ فلانا يعطي الدّراهم ، فيكون كلام المتكلّم فلان يعطي الدّنانير ، كلاما ملقى إلى منكر فيجب تأكيده ، ويكفي في التّوكيد كون الجملة اسميّة.
(٥) قيل : الأحسن أن يقول : لا مع من يعلم أن يوجد منه الإعطاء ، ولعلّ وجهه أنّه لو كان الغرض تحقّق أصل الإعطاء منه ، لوجب أن يكون مخاطبه خاليّ الذّهن عن الحكم ، وإلّا لوجب التّأكيد ، ويمكن أن يقال : إنّ الجملة الاسميّة خبرها فعليّة مفيدة للتّقوّي والتّأكيد.