أي أن (١) يكون ذو رؤية وذو سمع فيدرك (٢) بالبصر [محاسنه و] بالسّمع [أخباره الظّاهرة الدالّة على استحقاقه الإمامة دون غيره فلا يجدوا] نصب (٣) عطف على يدرك ، أي فلا يجد أعداؤه وحسّاده الّذين يتمنّون الإمامة [إلى منازعته] الإمامة [سبيلا (٤)]
______________________________________________________
للحزن والتّأثر على نحو كأنّهما صارا نفسه.
والشّاهد : في قوله : «يرى ويسمع» حيث جعلا أوّلا بمنزلة اللّازم ، ثمّ جعلا كناية عنهما متعلّقين بفضائله ومحاسنه ، وهو مفعول مخصوص بدعوى الملازمة بين مطلق الرّؤية ، ورؤية محاسنه ، ومطلق السّماع ، وسماع فضائله.
(١) أي قوله : «أن يكون ...» تفسير للجملة ، أعني يرى مبصر ، ويسمع واع ، لا للفعل فقطّ.
ثمّ هذا بحسب الحقيقة سبب للحزن والغيظ ، لكنّ الشّاعر جعله خبرا عنهما تنبيها على كماله في السّبب ، فكأنّه خرج عن السّببيّة ، وصار عين المسبّب ، فالحمل فيه نظير زيد عدل على بعض الوجوه.
(٢) هذا إشارة إلى المعنى الكنّائي ، أي إنّ المبصر والسّامع إذا وجدا ، فيدرك ذو رؤية بالبصر محاسنه الواضحة ، ويدرك ذو سمع بالسّمع أخباره الظّاهرة الدالّة تلك المحاسن والأخبار على استحقاقه ، أي المعتزّ الإمامة والخلافة دون غيره ، يعني المستعين ، فجعل الشّاعر السّبب في شجو الحسّاد وغيظهم وجود رؤية راء ، وسمع سامع في الدّنيا ، وادّعى أنّ مطلق وجودهما ملازم لتعلّقهما بمحاسن الممدوح ، وأخباره الظّاهرة ، فعبّر بالفعلين اللّازمين لينتقل الذّهن منهما إلى لازمهما ، وهو كونهما متعلّقين بمفعول مخصوص ، فيكونان كنايتين عن أنفسهما باعتباري اللّازم والمتعدّي.
(٣) أي فلا يجدوا ، بحذف النّون منصوب ، لكونه عطفا على ما هو المنصوب أعني قوله : «فيدرك».
(٤) مفعول» يجدوا» في قوله : «فلا يجدوا» أي فلا يجد أعداؤه إلى منازعة المعتزّ بالله في الإمامة سبيلا وطريقا ، فيسدّ عليهم طريق المنازعة التّي هي سبب الحسد ، فحاصل المعنى إنّ محاسن الممدوح وآثاره وأخباره لم تخف على من له بصر وسمع ، لكثرتها واشتهارها ، ويكفي في معرفة أنّها سبب لاستحقاق الإمامة دون غيره أن يقع عليها بصر ويعيها سمع ، لظهور دلالتها على ذلك ، فحسّاده وأعداؤه يتمنّون أن لا يكون في الدّنيا من له عين يبصرها ،