العائد إليه [إظهارا (١) لكمال العناية بوقوعه (٢)] أي الفعل [عليه] أي على المفعول ، حتّى كأنّه لا يرضى (٣) أن يوقعه على ضميره ، وإن كان كناية عنه [كقوله (١) :
قد طلبنا فلم نجد لك في السّؤ |
|
دد والمجد والمكارم مثلا (٤)] |
أي وقد طلبنا لك مثلا (٥)
______________________________________________________
لا يقال : إنّ ذكر المفعول أوّلا لا ينافي ذكره ثانيا بلفظه ، غايته أنّه من وضع الظّاهر موضع الضّمير ، لكمال العناية به.
لأنّا نقول : الحذف في المفعول أكثر من الوضع المذكور ، على أنّه لو صرّح به أوّلا في البيت الآتي لأوهم تعدّد المثل ، وأنّ المثل الثّاني غير الأوّل ، لأنّ تكرار النّكرة ظاهر في إفادة التّغاير ، فيكون المعنى قد طلبنا لك مثلا فلم نجد لك مثلا آخر ، وهو مخالف للمطلوب.
(١) علّة لقوله : «أريد ذكره ثانيا ...» أي علّة لإرادة الإتيان بصريح اسمه ، ولفظه ثانيا ، وأمّا علّة الحذف فهو الاحتراز عن التّكرار ، إذ مع الإتيان بصريح الاسم ثانيا يلزم التّكرار لو ذكر أوّلا ، وهو غير مقصود.
(٢) أي وقوع الفعل نفيا أو إثباتا على المفعول.
(٣) أي لا يرضى المتكلّم أن يعمل الفعل على ضمير المفعول ، وإن كان الضّمير عبارة عن المفعول ، وإنّما لم يرض المتكلّم بذلك ، لأنّ الضّمير يحتمل أن يعود إلى غير المذكور أوّلا ، وهو على خلاف المطلوب.
(٤) المعنى : «السّؤدد» بمعنى السّيادة ، «المجد» بمعنى الكرم ونيل الشّرف ، «المكارم» جمع مكرمة ، بمعنى فعل الكرم.
والشّاهد : في قوله : «قد طلبنا ...» حيث كان في الأصل : قد طلبنا لك مثلا ، ثمّ حذف المفعول ، أعني مثلا تحرّزا عن التّكرار ، حيث أريد إعمال لم نجد على صريح لفظه ، فلو ذكر أوّلا لزم التّكرار.
(٥) المعنى هو نفي أن يكون له مثل ، لا أنّه طلب له مثلا فلم يجده ، مع وجوده في الواقع ، وإنّما أدّى المعنى بهذه العبارة ليكون نفيا للمثل ببيّنة وبرهان ، لادّعائه أنّه طلب المثل فلم يوجد ولو كان لوجد.
__________________
(١) أي قول البحتري في مدح المعتز بالله.