وهو (١) أنّ الحذف للتّعميم مع الاختصار إن لم يكن فيه قرينة دالّة على أنّ المقدّر عامّ ، فلا تعميم أصلا ، وإن كانت فالتّعميم مستفاد من عموم المقدّر سواء حذف أو لم يحذف ، فالحذف لا يكون إلّا لمجرّد الاختصار. [وإمّا (٢) للرّعاية على الفاصلة نحو :] قوله تعالى : (وَالضُّحى ١ وَاللَّيْلِ إِذا سَجى)(١) ، (ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى) أي وما قلاك (٤) ، وحصول الاختصار أيضا ظاهر (٥).
______________________________________________________
(١) أي البحث ، وقد ذكرنا توضيح ذلك. إلّا أن يقال في الجواب عن البحث المذكور إنّ البحث المذكور مبنيّ على أن يكون مراد المصنّف بالتّعميم هو التّعميم حقيقة ، وهو ما تدلّ عليه القرينة ، والظّاهر من كلام المصنّف أنّ مراده به هو التّعميم ابتداء ، وهو ما يدلّ عليه الحذف قبل انتقال الذّهن إلى قرينة العموم ، فيكون الحذف حينئذ للتّعميم والاختصار ، فلا بحث في كلام المصنّف.
(٢) أي حذف المفعول إمّا للمحافظة «على الفاصلة» أي على أواخر الفقرات من الكلام أو الآيات القرآنيّة ، والفرق بين الفاصلة والسّجع أنّ الفاصلة أعمّ ، لأنّها تكون في القرآن وغيره ، بخلاف السّجع فإنّه في غير القرآن خاصّة ، ولا يطلق على آخر الآيات القرآنيّة تأدّبا ، لأنّه في الأصل بمعنى هدير الحمامة ، ثمّ كلمة الرّعاية وما يشتقّ منها ، وإن كانت تتعدّى بنفسها إلّا أنّها تكون هنا بمعنى المحافظة ، وهي تتعدّى بعلى ، وفي الكلام حذف مضاف إلى الفاصلة ، أي المحافظة على رويّ الفاصلة.
(٣) أي ما تركك ربّك منذ أوحى إليك.
(٤) أي وما أبغضك ، فحذف المفعول ، ولم يقل قلاك ، للمحافظة على رويّ الفاصلة لتوافق ما قبلها وما بعدها ، لأنّ فواصل الآي في هذه السّورة أغلبها على الألف ، فالحذف في الآية لرعاية الفاصلة والاختصار معا كما أشار إليه بقوله : «وحصول الاختصار أيضا ظاهر».
(٥) هذا الكلام من الشّارح دفع لتوهّم المزاحمة بين ما ذكره المصنّف من أنّ حذف المفعول في الآية لرعاية السّجع ، والفاصلة وبين ما قاله صاحب الكشّاف من أنّ حذف المفعول للاختصار.
وحاصل الدّفع أنّه لا تزاحم في النّكات والأغراض ، لأنّ عدّة النّكات والأغراض جائزة في مثال واحد.
__________________
(١) سورة الضّحى : ٣.