من الأمور المقتضية للتّقديم ، وهو الموافق لما في المفتاح ، ولما ذكره الشّيخ عبد القاهر حيث قال : إنّا نجدهم (١) اعتمدوا في التّقديم شيئا يجري مجرى الأصل غير العناية والاهتمام (٢) ، لكن ينبغي أن يفسّر وجه (٣) العناية بشيء يعرف له (٤) معنى. وقد ظنّ (٥) كثير من النّاس أنّه يكفي أن يقال : قدّم للعناية ، ولكونه أهمّ من غير أن يذكر من أين كانت تلك العناية ،
______________________________________________________
لكون الأصل التّقديم ، ولغيره حيث قال : «وأمّا تقديمه فلكون ذكره أهمّ ، إمّا لأنّه الأصل ، ولا مقتضى للعدول عنه ، وإمّا ليتمكّن الخبر في ذهن السّامع ، وإمّا لتعجيل المسرّة أو المساءة ...» إلى آخر ما ذكره هناك.
فعليه لا يصحّ ما صنعه هنا ، حيث عطف «الأهمّيّة» على «كون الأصل التّقديم» بأو ، فيلزم جعل الخاصّ قسيما للعامّ ، وهو باطل.
وبعبارة أخرى :
إنّ صنيع المصنّف في هذا الباب يستلزم جعل قسم الشّيء قسيما له بمقتضى ما ذكره في بحث المسند إليه.
(١) أي البلغاء.
(٢) عطف تفسيري على «العناية» ، فجعل الاهتمام كالقاعدة الكلّيّة في مطلق الشّمول ، فيعلم أنّ الأصل وغيره من مشمولات الأهمّيّة وجزئيّاتها ، فيلزم الإشكال المذكور.
(٣) أي سبب العناية.
(٤) أي يعرف لذلك الشّيء معنى كالأصالة ، وتمكين الخبر في ذهن السّامع ، وغيرهما من المذكورات هنا في بيان الأهمّيّة.
(٥) أي ظنّ كثير من النّاس ظنّا خطأ ، «أنّه» أي الشّأن يكفي أن يقال : قدّم للعناية ، أي يفهم من كلام الشّيخ عبد القاهر أنّ الأهمّيّة لا تكفي سببا للتّقديم.