مثّل (١) بمثالين : أوّلهما الوصف المثبت فيه معطوف عليه ، والمنفي معطوف ، والثّاني بالعكس. [وقلبا (٢) زيد قائم لا قاعد (٣) ، أو ما زيد قاعدا بل قائم (٤)]. فإن قلت (٥) : إذا تحقّق تنافيّ الوصفين في قصر القلب ، فإثبات أحدهما يكون مشعرا بانتفاء الغير فما فائدة نفي الغير وإثبات المذكور بطريق الحصر.
______________________________________________________
(١) أي مثّل المصنّف بمثالين : أحدهما أن يكون الوصف المثبت هو المعطوف عليه ، والمنفيّ هو المعطوف ، والثّاني بالعكس ، أي أنّ الوصف المنفيّ فيه معطوف عليه ، والمثبت معطوف ، ثمّ يشترط في إفادة بل القصر أن يتقدّمها نفي كالمثال المذكور ، فنحو : ما زيد كاتبا بل شاعر ، معناه نفي الكتابة عن زيد ، وإثبات الشّعر له ، وتمثيل المصنّف ببل ولا إشعار بأنّ طريق العطف للقصر ، هو لا وبل دون سائر حروف العطف ، وجه الإشعار : أنّه كان في مقام طريق العطف للقصر ، فالاقتصار بهما ، وعدم ذكر غيرهما كاشف عن أنّ طريق العطف للقصر هو لا وبل دون غيرهما ، وإلّا لبيّنه.
(٢) أي اقتصاره على القصرين ، أعني الإفراد والقلب ، ربّما يوهم عدم جريان طريق العطف في قصر التّعيين ، لكنّ المفهوم من دلائل الإعجاز جريانه فيه.
فالاقتصار ليس لعدم الجريان ، بل لما سيصرّح به الشّارح في قوله : «ولمّا كان كلّ ما يصلح مثالا لهما يصلح مثالا لقصر التّعيين ، لم يتعرّض لذكره» فانتظر.
(٣) أي لمن اعتقد أنّه قاعد ، والشّرط وهو تنافي الوصفين موجود.
(٤) أي لمن اعتقد أنّه قاعد ، ومثّل بمثالين لما سبق من أنّ أحدهما مثال للنّفي ، والآخر للإثبات.
(٥) حاصل الإشكال : إنّ قصر القلب بطريق العطف ، لا فائدة له على مذهب المصنّف مطلقا ، وذلك لأنّه شرط فيه تحقّق تنافي الوصفين ، وإذا تحقّق أي ثبت تنافيهما ، كما في المثالين علم من نفي أحدهما ثبوت الآخر ، وكذا من ثبوت أحدهما نفي الآخر ، وحينئذ فلا فائدة في عطف المثبت على المنفيّ ، أو عطف المنفي على المثبت وكذا على مذهب غيره في صورة تحقّق التنافي ، ثمّ هذا الإيراد مبنيّ على تحقّق التنافي ، وقول الشّارح فإثبات أحدهما يكون مشعرا بانتفاء الغير ، أي وكذا نفي أحدهما يكون مشعرا بثبوت الآخر ، ولو زاد الشّارح جانب النّفي على الإثبات لكان أولى ليشمل المثال ، والجواب الّذي ذكره شامل له أيضا ،