وأشار إلى سبب إفادة إنّما القصر بقوله : [لتضمّنه معنى ما وإلّا] وأشار بلفظ التّضمّن إلى أنّه ليس بمعنى ما وإلّا ، حتّى كأنّهما لفظان مترادفان (١) إذ فرق (٢) بين أن يكون في الشّيء معنى الشّيء (٣) ، وأن يكون الشّيء الشّيء (٤) على الإطلاق (٥) ، فليس (٦) كلّ كلام يصلح فيه ما وإلّا ، يصلح فيه إنّما ، صرّح بذلك الشّيخ في دلائل الإعجاز.
______________________________________________________
لأنّا نقول : إنّ الشّيخ لم يستند على ذلك برأيه ، بل إنّما استند عليه بالاستقراء ، حيث نسب ما ذكره إلى استعمال البلغاء ، فإذا لا وجه لمخالفته له ، فإنّه لا بدّ لكلّ جاهل أن يرجع إلى أهل الخبرة.
(١) أي وليسا بمترادفين حقيقة ، لأنّ من شرط التّرادف الاتّحاد معنى وأفرادا ، وهما متّحدان في المعنى فقطّ ، وقوله : «لتضمّنه معنى ما وإلّا» إشارة إلى ردّ ما ذكره الأصوليّون من أنّ ما في إنّما للنّفي وإنّ للإثبات. وجه الإشارة : أنّه لو كان الأمر كذلك لقال : لكونه بمعنى ما وإلّا ، أو لتضمّنه ما وإلّا ، كتضمّن الكلام للكلمتين ، فإنّ هاتين العبارتين أصرح في إفادة المقصود من قوله : «لتضمّنه معنى ما وإلّا» ، وحيث إنّه عدل منهما إليه يظهر أنّ وجه العدول : الإشارة إلى أنّ ما وإنّ في إنّما ليس للإثبات والنّفي ، بل كلمة ما كافّة زائدة ، وكلمة إنّ في هذا الحال موضوعة لمعنى إجماليّ مشتمل على معنى ما وإلّا ، أي النّفي والإثبات الموجبين للقصر.
(٢) علّة للنّفي ، وملخّص الفرق : إنّ الأوّل يقتضي أن يكون معنى الشّيء الأوّل كلّا ، ومعنى الشّيء الثّاني جزء ، والثّاني : يوجب أن يكون معناهما واحدا ، وهما مترادفان في المعنى ، ثمّ إنّما وما وإلّا من قبيل الأوّل لا الثّاني.
(٣) أي كما في موارد التّضمّن.
(٤) أي كما في موارد التّرادف.
(٥) أي من غير اعتبار التّضمّن.
(٦) تفريع على قوله : «أنّه ليس بمعنى ما وإلّا» وذلك كالأمر الّذي شأنه أن ينكر ، فإنّه صالح لأن يستعمل فيه ما وإلّا ، ولا يصلح لإنّما ، لأنّها إنّما تستعمل فيما شأنه أن لا ينكر ، وكمن الزّائدة فإنّه يصلح معها ما وإلّا ، دون إنّما نحو : ما من إله إلّا الله ، ولا يصحّ أن يقال : إنّما من إله الله ، لأنّ من لا تزاد في الإثبات ، فلو كان إنّما بمعناهما كان كلّ كلام يصلح فيه ما وإلّا يصلح فيه إنّما ، فهذا دليل على عدم التّرادف.