[والنّفي] أي الوجه الثّالث من وجوه الاختلاف أنّ النّفي بلا العاطفة (١) [لا يجامع الثّاني] أعني النّفي والاستثناء ، فلا يصحّ ما زيد إلّا قائم لا قاعد ، وقد يقع مثل ذلك (٢) في كلام المصنّفين (٣) لا في كلام البلغاء ، [لأنّ (٤) شرط المنفيّ بلا العاطفة (٥) أن لا يكون] ذلك المنفيّ [منفيّا قبلها بغيرها] من أدوات النّفي (٦)
______________________________________________________
مفهوم ، وكقولك : ما زيدا ضربت ، فإنّ المعنى لم أضربه ، وضربه غيري ، فقد ترك الأصل في هذين المثالين إذ المقصود قصر الفعل على غير المذكور لا قصر عدم الفعل على المذكور ، فيكون النّصّ بما ينفى لا بما يثبت ، فترك الأصل.
(١) أي المقصود من النّفي هو النّفي بلا العاطفة بقرينة دليله الآتي ، وهو قوله : «لأنّ المنفيّ بلا العاطفة».
(٢) أي مثل ما زيد إلّا قائم لا قاعد ، أي مجامعة لا العاطفة مع ما وإلّا.
(٣) أي قد يقع في كلام المصنّفين الّذين لا يستشهد بكلامهم لا في كلام البلغاء الّذين يستشهد بكلامهم ، هذا تعريض على الزّمخشري حيث قال في الكشّاف في تفسير قوله تعالى : (فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) أي لأنّ الأصلح لك لا يعلمه إلّا الله لا أنت.
(٤) علّة لعدم المجامعة.
(٥) أي شرط صحّة نفيه بها.
(٦) أي لا يكون منفيّا بغير شخصها ، وهذا الغير هو ما يفيد النّفي صريحا من الأدوات الموضوعة له ، وهذا صادق على ما إذا كان غير منفيّ أصلا ، وعلى ما إذا كان منفيّا بغير أدوات النّفي كالفحوى ، أو علم السّامع أو علم المتكلّم أو شيء من الأفعال الدّالّة على النّفي ضمنا كأبى وامتنع.
وكيف كان فالمنطوق شامل لفرضين والمفهوم له صورة واحدة ، وهي محلّ الامتناع أعني ما إذا كان المنفيّ بها منفيّا قبلها بغير شخصها من أدوات النّفي مثل ما وليس ولا الّتي لنفي الجنس ولا العاطفة الأخرى المماثلة بلا الّتي وقع بها النّفي في النّوع ، وإن كنت مغايرة لها بالشّخص ، فلا يصحّ قام القوم لا النّساء لا هند ، لأنّ هند منفيّة في ضمن النّساء بغير شخص لا الّتي نفيتها بها ، قوله : «من أدوات النّفي» تخصيص للغير لشموله كلّ غير ينفى به ، وليس الأمر كذلك ، فإنّه لا مانع من كون المنفيّ بلا منفيّا قبلها بالفحوى ، وبنحو أبى وامتنع