بأنّ الكائن أحدهما (١) ، والثّاني ما روي أنّه (٢) لمّا قال النّبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم كلّ ذلك لم يكن ، قال له ذو اليدين ، بل بعض ذلك قد كان (٣) ، ومعلوم أنّ الثّبوت للبعض إنّما ينافي (٤) النّفي عن كلّ فرد لا النّفي عن المجموع (٥) ، [وعليه] أي على عموم النّفي عن كلّ فرد [قوله] أي قول أبي النّجم :
[قد أصبحت أمّ الخيار (١) تدّعي |
|
عليّ ذنبا كلّه لم أصنع] |
برفع كلّه على معنى (٦) لم أصنع شيئا ممّا تدّعيه عليّ
______________________________________________________
ولم يعلم أيّهما قام.
(١) أي بأنّ الثّابت أحد الأمرين.
(٢) الضّمير للشّأن.
(٣) فلو لم يكن قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «كلّ ذلك لم يكن» مفيدا للسّلب الكلّي ، لما صحّ قول ذي اليدين بعض ذلك قد كان ، لأنّ الإيجاب الجزئيّ هو المقابل للسّلب الكلّي.
(٤) أي الثّبوت للبعض يناقض النّفي عن كلّ فرد ، بمعنى أنّ نقيض الموجبة الجزئيّة هو السّالبة الكلّيّة لا الجزئيّة ، لجواز أن يثبت للبعض ، وينتفي عن البعض الآخر ، فتصدقان معا ، والحاصل إنّ الثّبوت للبعض إنّما ينافي في عموم السّلب وشموله ، لا سلب العموم ونفي الشّمول.
(٥) المراد بالنّفي عن المجموع هو سلب العموم ونفي الشّمول. ولا بأس بذكر الحديث : روى أبو هريرة أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم صلّى صلاة العصر في الحضر وسلّم من ركعتين ، فقام ذو اليدين وقال : أقصرت الصّلاة أو نسيت يا رسول الله ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : كلّ ذلك لم يكن ، فقال ذو اليدين : بعض ذلك قد كان ، فأقبل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على النّاس أحقّ ما يقول ذو اليدين؟ فقالوا : نعم ، يا رسول الله ، فقام رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأتمّ الصّلاة ثمّ سجد سجدتين للسّهو. وتركنا الإشكال في الحديث رعاية للاختصار.
(٦) فمفاد الكلام عموم السّلب وشمول النّفي ، وليس المراد إثبات بعض الذّنوب الّتي تدّعي عليه أمّ الخيار ونفي بعضها الآخر ، كما هو مفاد الكلام على فرض نصب كلّه على أن يكون مفعول لقوله : «لم أصنع» وكلّه على تقدير رفعه مبتدأ وخيره جملة «لم أصنع»