استحال منه أن يطلب حقيقته وماهيّته (١) ، إذ لا حقيقة (٢) للمعدوم ولا ماهيّة له ، والفرق (٣) بين المفهوم من الاسم بالجملة وبين الماهيّة الّتي تفهم من الحدّ بالتّفصيل غير قليل ، فإنّ كلّ من خوطب باسم فهم فهما ما ، ووقف على الشّيء الّذي يدلّ عليه الاسم إذا كان عالما باللّغة ، وأمّا الحدّ فلا يقف عليه إلّا المرتاض بصناعة المنطق ، فالموجودات لها حقائق ومفهومات ، فلها حدود حقيقيّة واسميّة.
______________________________________________________
تفصيله وشرحه ، إذ ما لم يحرز أنّ له مفهوما يستحيل أن يسأل عن تفصيله لاحتمال أن يكون مهملا. ثمّ إذا وقف على تفصيله يطلب وجوده إذ لا يناسب السّؤال عن الوجود قبل معرفة المفهوم تفصيلا ، وأن لا يتوقّف عليه.
نعم ، يتوقّف على معرفته بوجه ما إذ ما لم يحرز أنّ له مفهوما يستحيل عليه أن يطلب وجوده إذ يحتمل أن يكون مهملا ، فلا مفهوم له فضلا عن كونه موجودا ، ثمّ إذا علم وجوده يطلب تفصيل ذلك المفهوم الموجود بالحدّ المتضمّن للجنس والفصل ، إذ ما لم يعرف وجوده يستحيل أن يسأل عن حدّه ، إذ قد عرفت أنّ الحدّ إنّما هو للماهيات الموجودة ، ثمّ إذا علم تفصيل ذلك المفهوم بالحدّ يسأل عن أحواله العارضة له ، كدوامه وحركته وسكونه إلى غير ذلك ممّا لا يحصى ، لأنّ العلم بدوام الشّيء يستدعي سبق العلم بحقيقته ، ثمّ قوله : «لأنّ من لا يعرف ...» علّة لكون مقتضى التّرتيب الطّبيعيّ ما ذكر.
(١) عطف على «حقيقته» عطف مرادف على مرادفه ، كالإنسان والبشر ، إذ ليس المراد بها مطلق ما يقع في جواب ما هو ، فإنّ المعدوم أيضا له مفهوم يقال في جواب ما الشّارحة.
(٢) إشارة إلى أنّ المراد بالماهيّة هي الماهيّة الموجودة في نفس الأمر لا مطلق الماهيّة.
(٣) جواب عن سؤال مقدّر ، تقريره أنّه لا وجه لجعل المصنّف (ما) على قسمين الشّارحيّة والحقيقيّة ، لأنّ ما الشّارحيّة بعينها هي الحقيقيّة ، حيث إنّ المطلوب بها هو المطلوب بها بعد العلم بوجوده ، وهذا القدر لا يكفي في جعلها قسما برأسها ، وإلّا لكانت الأقسام كثيرة بأن يكون ما يطلب به شرح اسم الجوهر قسما ، وما يطلب به شرح اسم العرض قسما ، وهكذا.
وحاصل الجواب : إنّ الأمر ليس كذلك ، لأنّا ذكرنا أنّ المطلوب بما الشّارحة هو مجرّد بيان مفهوم اللّفظ الإجماليّ الّذي وضع له ، وبما الحقيقيّة بيان ماهيّة هذا المفهوم ، أي أجزاؤه من الجنس والفصل تفصيلا ، والأوّل أمر سهل معلوم لكلّ أحد عارف باللّغة بخلاف الثّاني ،