وأمّا المعدومات فليس لها إلّا المفهومات ، فلا حدود لها إلّا بحسب الاسم (١) ، لأنّ (٢) الحدّ بحسب الذّاتّ (٣) لا يكون إلّا بعد أن يعرف أنّ الذّاتّ موجودة ،
______________________________________________________
فإنّه أمر لا يمكن أن يصل أحد مغزاه إلّا من هو مرتاض في المنطق ، ألا ترى أنّ المطلوب بما الشّارحيّة في قولنا : ما الإنسان؟ هو بيان المفهوم الإجماليّ ، فيكفي لنا أن نقول بشر ، والمطلوب بما الحقيقيّة في قولنا : ما هو الإنسان؟ هو ماهيّته التّفصيليّة من الجنس والفصل ، فلا يمكن لأحد أن يأتي بحقّ الجواب إلّا أن يكون من له كمال دراية بصناعة المنطق ، فيقول : حيوان ناطق.
لا يقال : سلّمنا أنّ الفرق بين ما هو المطلوب بما الشّارحة على نحو الإجمال ، وما هو المطلوب بما الحقيقيّة واضح ، ولكن لا فرق بين ما هو المطلوب بما الشّارحة تفصيلا ، وما هو المطلوب بما الحقيقيّة ، لأنّ كلّا من المطلوبين ملبّس بلباس التّفصيل.
لأنّا نقول : وإن كان الأمر كذلك ، أي كلّ منهما ملبّس بلباس التّفصيل ، إلّا أنّ مركز التّفصيل فيما هو المطلوب بما الحقيقيّة ذاتيّات الشّيء من الجنس والفصل بخلاف ما هو المطلوب بما الشّارحة ، فإنّ مركز التّفصيل فيه خواصّ الشّيء من الأعراض الخاصّة.
قوله : «بالجملة» متعلّق بالمفهوم والباء للملابسة ، أي المفهوم المتلبّس بالإجمال أو أنّه حال من المفهوم ، أي حال كونه إجمالا ، أي مجملا.
قوله : «غير قليل» أي ظاهر واضح.
(١) أي بحسب اللّفظ ، كما إذا قال من لم يعرف معنى الدّور : ما الدّور؟ فيقال في جوابه هو توقف شيء على نفسه ، أو يقال في جواب من لم يعرف معنى الضّدّين ، الضّدّان أمران وجوديّان بينهما غاية الخلاف ، كالسّواد والبياض.
(٢) علّة لمفهوم الحصر ، أي ليس لها حدود بحسب الحقيقة.
(٣) أي بحسب الحقيقة ، والأولى أن يقول : فلا تعريف لها إلّا بحسب الاسم ، لأنّ الحدّ ما كان بالذّاتيّات ، ولا ذاتيّات لها ، لأنّ الذّات عبارة عن الحقيقة ، وهي الماهيّة الموجودة.