ويجوز أن يكون من عاد يعود (١) ، أي عادت (٢) عواد وعوائق كانت تحول بيننا إلى ما كانت عليه قبل (٣) [و] مثال الالتفات من الخطاب [إلى الغيبة] قوله تعالى : (حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ)(١) والقياس (٤) بكم [و] مثال الالتفات [من الغيبة إلى التّكلّم] قوله تعالى : (وَاللهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ)(٢) (٥) ومقتضى الظّاهر فساقه ، أي ساق الله ذلك السّحاب وأجراه (٦) إلى بلد ميّت [و] مثال الالتفات من الغيبة [إلى الخطاب] قوله تعالى : (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (٤) إِيَّاكَ نَعْبُدُ) (٧) ومقتضى إيّاه [ووجهه] أي (٨) وجه حسن الالتفات [أنّ الكلام إذا نقل من أسلوب إلى أسلوب كان] ذلك ذلك الكلام
______________________________________________________
(١) أي مأخوذا من مصدر عاد بمعنى رجع ، وهو العود بمعنى الرّجوع وعلى هذا لا حذف فيه ، ووزنه فعلت ، وأصله عودت قلبت الواو ألفا لتحرّكها وانفتاح ما قبلها صار عادت.
(٢) أي رجعت العوادي الّتي تحول بيننا إلى ما كانت عليه أوّلا من الحيلولة.
(٣) أي قبل الحيلولة بيننا.
(٤) الظّاهر أنّ تعبيره عن مقتضى الظّاهر بالقياس تفنّن.
والحاصل إنّ مقتضى الظّاهر جرين بكم ، ولكنّ الّذي دعا إلى تغيير الكلام عن الخطاب إلى الغيبة ، قصد التّأدّب في الكلام بترك المواجهة بالذّمّ ، ولو كان المخاطب مرتكبا للذّنب ، ولكنّ التّكلّم معه بلسان مؤدّب أدعى لصرفه عن معاودة الذّنب.
(٥) قال : سقناه مكان ساقه ، وفائدة الالتفات هو التّعظيم ، لأنّه فعل عظيم لا يقدر عليه إلّا ذو القدرة الباهرة.
(٦) قوله : «وأجراه» عطف تفسير على قوله : «ساق الله» وسوق السّحاب إلى البلد الميّت وإحياء الأرض بالمطر بعد موتها كانا من الدّلائل على القدرة الباهرة.
(٧) وجه الالتفات من الغيبة إلى الخطاب واضح لا تحتاج إلى البيان ، لأنّ قوله تعالى : (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) وصف لاسم ظاهر وهو من قبيل الغيبة ، كما مرّ غير مرّة.
(٨) أي التّفسير المذكور إشارة إلى أنّ ضمير «وجهه» يرجع إلى الالتفات بحذف المضاف أعني «حسن» ، فحاصل الكلام في المقام أنّ وجه حسن الالتفات في أيّ تركيب كان «إنّ الكلام إذا نقل من أسلوب إلى أسلوب كان أحسن تطرية لنشاط السّامع».
__________________
(١) سورة يونس : ٢٢.
(٢) سورة فاطر : ٩.