والمعنى يطالبني القلب بوصل ليلى ، وروي تكلّفني بالتّاء الفوقانيّة على أنّه مسند إلى ليلى والمفعول محذوف (١) ، أي شدائد فراقها (٢) أو على أنّه خطاب للقلب ، فيكون التفاتا آخر (٣) من الغيبة إلى الخطاب [وقد شطّ] أي بعد [وليها] أي قربها [وعادت عواد (٤) بيننا وخطوب] قال المرزوقي عادت يجوز أن يكون فاعلت من المعاداة (٥) كأنّ الصّوارف (٦) والخطوب صارت تعاديه ،
______________________________________________________
(١) أي المفعول الثّاني محذوف ، والمفعول الأوّل هو الياء في «تكلّفني».
(٢) أي ليلى تكلّفني حمل شدائد فراقها ، هذا هو المفعول الثّاني.
(٣) أي غير ما تقدّم ، فيكون في البيت على هذا الاحتمال الأخير التفاتان :
أحدهما : في الكاف في بك ، مع ياء المتكلّم في «تكلّفني».
وثانيهما : في قلب مع فاعل «تكلّفني» حيث عبّر أوّلا عن القلب بطريق الغيبة أعني الاسم الظّاهر ، وثانيا بطريق الخطاب حيث عبّر عنه بقوله : «تكلّفني» أي أنت يا قلب تكلّفني.
والمتحصّل من الجميع أنّه على رواية يكلّفني بالياء ليس فيه إلّا التفات واحد عند الجمهور والسّكّاكي وهو الالتفات من الخطاب إلى التّكلّم ، وكذا على رواية «تكلّفني» بالتّاء الفوقيّة أنّ جعل الفاعل «ليلى» وأمّا أنّ جعل ضمير القلب كان فيه التفاتان.
(٤) عواد جمع عادية ، وهي ما يصرفك عن الشّيء «وخطوب» جمع خطب ، وهو الأمر العظيم ، وعطف الخطوب على العوادي عطف مرادف على مرادف ، لأنّ العوادي والصّوارف والخطوب ألفاظ مترادفة معناها واحد. فحاصل المعنى عادت عواد أي عواد الدّهر ونوائب الزّمان أحدثت العداوة بيننا حيث اختارت البعد على القرب.
(٥) أي من باب المفاعلة مشتقّ من العداوة ، كان أصله عادوت تحرّكت الواو وانفتح ما قبلها ، فقلبت ألفا ، ثمّ حذفت الألف لالتقاء السّاكنين ، فالفعل محذوف اللّام فوزنه بعد الإعلال فاعلت.
(٦) تفسير للعوادي ، والمراد بها العوائق.