أي بالقصر [السّياعا] أي الطّين المخلوط بالتّبن ، والمعنى كما طيّنت الفدن بالسّياع ، يقال : طيّنت السّطح والبيت. ولقائل أن يقول (١) : إنّه يتضمّن من المبالغة في وصف النّاقة بالسّمن ما لا يتضمّنه قوله : كما طيّنت الفدن بالسّياع لإيهامه أنّ السّياع قد بلغ مبلغا من العظم والكثرة إلى أن صار بمنزلة الأصل ، والفدن بالنّسبة إليه كالسّياع بالنّسبة إلى الفدن
______________________________________________________
ومحلّ الشّاهد : قوله : «بالفدن السّياع» فإنّ فيه قلب ، وذلك لأنّ المعنى كما طيّنت الفدن بالسّياع ، يعني كان الفدن في المعنى نائبا للفاعل لقوله : «طيّنت» المبني للمفعول ، وكان بالسّياع مفعولا بالواسطة له فقلبا وعكسا ، أي جعل الفدن مفعولا بالواسطة والسّياع نائبا للفاعل ، والألف في آخره للإطلاق.
وحاصل معنى البيت : تشبيه النّاقة في سمنها بالفدن ، أي بالقصر المطيّن بالسّياع حتّى صار أملس لا حفرة فيه ، وفي الكلام قلب ، إلّا أنّ هذا القلب لم يتضمّن مبالغة كما تضمّنها قوله : «كأنّ لون أرضه سماؤه».
(١) هذا الكلام إيراد من الشّارح على المصنّف ، وحاصل الإيراد أنّ المصنّف جعل القلب في قول القطامي ممّا لم يتضمّن مبالغة مع انّه يتضمّن من المبالغة في سمن النّاقة الّتي شبّهت بالفدن ما لا يتضمّنه قولنا : كما طيّنت الفدن بالسّياع ، لأنّ القلب يدلّ على عظم السّياع وكثرته حتّى صار كأنّه الأصل ، ثمّ شبّه سمن النّاقة بذلك ، فيدلّ القلب حينئذ على عظم السّمن وكثرته حتّى صار الشّحم واللّحم لكثرته كالأصل.
ولا يخفى أنّ هذا الإيراد مبنيّ على أن يكون السّياع بمعنى الطّين المخلوط بالتّبن ، كما في الصّحاح ، وأمّا على ما ذكره الزّمخشري في الأساس من أنّ السّياع بالكسر هي الآلة الّتي يطيّن بها ، فلا يرد ولا يتأتّى أن يكون في القلب المذكور معنى لطيف ، فيحتمل أن يكون المصنّف ممّن جرى على ما في الأساس وحينئذ فلا اعتراض عليه.