[فإنّي وقيّار بها لغريب (١)] الرّحل هو المنزل والمأوى (٢) وقيّار اسم فرس أو جمل للشّاعر ، وهو (٣) ضابئ بن الحارث كذا في الصّحاح ، ولفظ البيت خبر (٤) ، ومعناه التّحسّر والتّوجّع (٥) ، فالمسند إلى قيّار محذوف (٦) لقصد الاختصار والاحتراز عن العبث
______________________________________________________
(١) هذا المصراع من البيت علّة للمحذوف المعطوف على جواب الشّرط ، والتّقدير : ومن يك أمسى بالمدينة رحله حسنت حاله وساءت حالي ، لأنّي وقيّار بها لغريب ، «وقيّار» مبتدأ وخبره محذوف أي قيّار كذلك.
ولا يقال : قوله : «لغريب» خبر قيّار ، لأنّ لام الابتداء لا تؤخّر عن المبتدأ. فلا تدخل على خبر المبتدأ ، والشّاهد في البيت أنّه حذف المسند من المسند إليه الثّاني يعني قيّار حيث كان في الأصل فإنّي بها لغريب وقيّار كذلك ، أي غريب ، والمعنى إنّي لغريب وقيّار أيضا غريب.
قلنا : إن الجزاء محذوف ، وأقيم غيره مقامه ، ولا يصحّ أن تكون الجملة المقرونة بالفاء جوابا ، لأنّ الجواب مسبّب عن الشّرط ولا مسبّبيّة هنا.
(٢) «والمأوى» مرادف للمنزل.
(٣) أي الشّاعر «ضابئ» بتقديم الباء على الهمزة ، أي ضابئ بن الحارث البرجمي وهو محبوس في المدينة زمن عثمان بن عفّان ، كما في بعض الشّروح.
(٤) قوله : «ولفظ البيت خبر» إشارة إلى وجه ذكره في باب الخبر مع كونه إنشاء معنى ، أي الوجه لذكره في باب الخبر إنّ لفظ البيت خبر استعمل في مقام الإنشاء ، أي إنشاء التّحسّر على الغربة أي التّحزّن منها والتّوجّع بها أي بسبب الغربة ومقاساة شدائدها ، فالبيت باعتبار اللّفظ ورد هنا.
(٥) أي وجع القلب من الكربة الحاصلة بسبب الغربة ، كما قيل بالفارسيّة :
غريب اگرچه بغربت ميانه گنج است |
|
همينكه شام شود آن غريب دل رنجست |
نقلا عن المدرّس رحمهالله.
(٦) وتقدير الكلام : فإنّي بها لغريب وقيّار بها غريب ، وحذف غريب الثّاني لدلالة العطف عليه ، فيكون العطف من قبيل عطف الجملة على مثلها.