والقسم وترك المقاربة الجنسيّة.
في الآية الاولى يقول تعالى (وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (١).
(الأيمان) جمع (يمين) و (عرضة) بضم العين ، تقال للبضاعة وأمثالها التي تعرض أمام الناس في السوق. وقد تطلق العرضة على موانع الطريق لأنّها تعترض طريق الإنسان.
وذهب البعض إلى أنّ المراد بها ما يشمل جميع الأعمال ، فالآية تنهى عن القسم بالله في الأمور الصغيرة والكبيرة وعن الاستخفاف باسمه سبحانه ، وبهذا حذّرت الآية من القسم إلّا في كبائر الأمور ، وهذا ما أكّدت عليه الأحاديث الكثيرة ، وقد روي عن الصادق عليهالسلام (لا تحلفوا بالله صادقين ولا كاذبين فإنّ الله سبحانه يقول : (وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ)) (٢).
وهناك أحاديث متعدّدة وردت في هذا المجال (٣).
ولو أخذنا سبب نزول الآية بنظر الإعتبار يكون مؤدّاها أنّ القسم ليس بعمل مطلوب في الأعمال الصالحة ، فكيف بالقسم بترك الأعمال الصالحة؟! وفي الآية التالية نلاحظ تكملة لهذا الموضوع وأنّ القسم لا ينبغي أن يكون مانعا من أعمال الخير فتقول:(لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ) أي عن إرادة وإختيار.
في هذه الآية يشير الله تعالى إلى نوعين من القسم :
__________________
(١) طبقا لهذا التفسير «لا» مقدرة وفي الأصل «لئلا تبرو» وهذا المعنى مطابق تماما لشأن النزول ويحتمل أيضا أن «عرضة» بمعنى المانع يعني لا تجعلوا القسم بالله مانعا لأداء الأعمال الصالحة والإصلاح بين الناس «بتقدير:لا تجعلوا الله بسبب ايمانكم حاجزا أن تبروا وتتقوا» ولكنّ التوجيه الأوّل أنسب.
(٢) الكافي حسب نقل تفسير نور الثقلين : ج ١ ص ٢١٨ ح ٨٣٣ ، وسائل الشيعة : ج ١٦ ص ١١٦ ح ٥.
(٣) راجع نفس المصدر : ح ٨٣٢ و ٨٣٤ ، وسائل الشيعة : ج ١٦ ص ١١٥ وما بعد.