منه ، ويتحقّق ما أقدم عليه في الواقع العملي بشكل جاد (١).
ويحتمل أيضا أنّ الآية ناظرة إلى حال الأشخاص الّذين يستغلّون الأحكام الشرعيّة لتبرير مخالفاتهم ويتمسّكون بالظّواهر من أجل بعض الحيل الشرعيّة ، فالقرآن يعتبر هذا العمل نوع من الاستهزاء بآيات الله ، ومن ذلك نفس مسألة الزّواج والطّلاق والرّجوع في زمان العدّة بنيّة الانتقام وإلحاق الضرّر بالمرأة والتّظاهر بأنّه يستفيد من حقّه القانوني.
فعلى هذا لا ينبغي الإغماض عن روح الأحكام الإلهيّة والتمسّك فقط بالظّواهر الجامدة لها ، فلا ينبغي اتّخاذ آيات الله ملعبة بيد هؤلاء ، فإنّه يعتبر ذنب عظيم ويترتّب عليه عقوبة أليمة.
ثمّ تضيف الآية (وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ وَما أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ).
هذه تحذيرات من أجل أن تعلموا : أوّلا : أنّ الله تعالى عدّ تلك التصرّفات من خرافات وتقاليد الجاهليّة الشنيعة بالنّسبة إلى الزّواج والطّلاق وغير ذلك ، فأنقذكم منها وأرشدكم إلى أحكام الإسلام الحياتية ، فينبغي أن تعرفوا قدر هذه النّعمة العظيمة وتؤدّوا حقّها ، وثانيا : بالنسبة إلى حقوق المرأة ينبغي أن لا تسيئوا إليها بالاستفادة من موقعيّتكم،ويجب أن تعلموا أنّ الله تعالى مطّلع حتّى على نيّاتكم (٢).
* * *
__________________
(١) تفسير القرطبي : ج ٢ ص ٩٦٤ ، ومثله في تفسير المراغي : ج ٢ ص ١٧٩.
(٢) فعلى هذا تكون جملة «وما نزل عليكم من الكتاب والحكمة» عطف «نعمة الله» أو من قبيل عطف الخاصّ على العامّ وفي هذه الصورة يكون مفهوم «نعمة الله» واسعا حيث يشمل جميع النعم الإلهيّة التي منها نعمة المحبّة والألفة التي جعلها الله بين الزوجين.