شديدة تجاه زواج زوجاتهم السابقة من آخرين ، وما ذلك سوى نزعة جاهلية فحسب (١).
في الآية السابقة «بلوغ الأجل» يعني بلوغ أواخر أيام العدّة ، ولكن في هذه الآية المقصود هو انقضاء آخر يوم من العدّة ، بقرينة الزواج المجدّد. فالغاية في الآية السابقة جزء من المغيا وفي الآية محل البحث خارجة عن المغيا.
ويتبين من هذه الآية أنّ الثيّبات ـ أي اللّواتي سبق لهنّ الزواج ثمّ طلّقن أو مات أزواجهنّ ـ إذا شئن الزّواج ثانية فلا يلزمهنّ موافقة أوليائهنّ أبدا.
ثمّ تضيف الآية وتحذّر ثانية وتقول : (ذلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) ثمّ من أجل التأكيد أكثر تقول : (ذلِكُمْ أَزْكى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ).
يشير هذا المقطع من الآية إلى أنّ هذه الأحكام قد شرّعت لمصلحتكم غاية الأمر أنّ الأشخاص الّذين ينتفعون بها هم الّذين لهم أساس عقائدي من الإيمان بالله والمعاد ولا يتبّعون أهوائهم.
وبعبارة اخرى أنّ هذه الجملة تقول : أنّ نتيجة العلم بهذه الأحكام يصبّ في مصلحتكم ، لكنّكم قد لا تدركون الحكمة والغاية منها لجهلكم وقلّة معارفكم ، والله هو العالم بكلّ الأسرار ، ولذلك قرّر هذه الأحكام وشرّعها لما فيها من تزكيتكم وحفظ طهارتكم.
والجدير بالذّكر أنّ الآية تشير إلى أنّ العمل بهذه الأحكام يستوجب : (التزكية) و (الطهارة) فتقول (أَزْكى لَكُمْ وَأَطْهَرُ) يعني أنّ العمل بها يطهّر أفراد العائلة من مختلف الأدناس والخبائث ، وكذلك يوجب لهم الخير والبركة والتكامل
__________________
(١) رجح البعض التفسير الثاني لأن المخاطب في الآيات السابقة هو الأزواج ولكنه يشكل بأن تعبير «أزواجهن» يكون تعبيرا مجازيا بالنسبة إلى الأزواج مضافا إلى انه لا ينسجم مع شأن النّزول.