فيعتدي بذلك على حقّ الأم في حضانة وليدها. كما أنّ على الأم التي أعطيت هذا الحقّ أن لا تستغله وأن لا تتذرّع بمختلف الأعذار الموهومة للتنصّل من إرضاع وليدها ، أو أن تحرم الأب من رؤية طفله.
وذكر احتمال آخر في تفسير الآية وهو أنّ المراد أنّ الأب ليس له أن يسلب الزّوجة حقّها في المقاربة الجنسيّة بسبب الخوف من الحمل وفي النتيجة الإضرار بالمرضع ، ولا الام بإمكانها منع زوجها من هذا الحقّ لهذا السبب ، ولكنّ التفسير الأوّل أكثر انسجاما مع ظاهر الآية (١).
التعبير ب (ولدها) و (ولده) من أجل تشويق الآباء والأمّهات برعاية حال الأطفال الرّضع ، مضافا إلى أنّه إشارة إلى أنّ الرّضيع متعلّق لكليهما خلافا لما هو المرسوم من تقاليد الجاهليّة من أنّ الولد متعلّق بالأب خاصّة وليس للام سهم من الحقّ فيه.
٥ ـ ثمّ تبيّن الآية حكما آخر يتعلّق بما بعد وفاة الأب فتقول : (وَعَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ).
يعني أنّ الورثة يجب عليهم تأمين احتياجات الام في مرحلة الرّضاعة للطفل ، وهناك احتمالات اخرى في تفسير الآية الشريفة ولكنّها ضعيفة.
٦ ـ وتتحدّث الآية أيضا عن مسألة فطام الطّفل عن الرّضاعة وتجعله بعهدة كلّ من الأبوين على الرّغم ممّا جاء في الآيات السابقة من تحديد فترة الرّضاعة ، إلّا أنّ للأبوين أن يفطما الطّفل وقت ما يشاءان حسب ما تقتضيه صحّة الطّفل وسلامته الجسميّة ، وتقول الآية : (فَإِنْ أَرادا فِصالاً عَنْ تَراضٍ مِنْهُما وَتَشاوُرٍ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما).
وفي الواقع أنّ الأب والام يجب أن يراعيا مصالح الطّفل ويتشاوران في ذلك
__________________
(١) على التفسير الأوّل فعل «لا تضار» فعل معلوم ، وعلى التفسير الثاني فعل مجهول وإن كان تلفظ الاثنين واحدا ، تأمل جيدا.