كونها تقع في وسط النّهار ، فإنّ سبب نزول هذه الآية يدلّ على أنّ المقصود بالصّلاة الوسطى هو صلاة الظهر التي كان الناس يتخلّفون عنها لحرارة الجو ، كما أنّ هناك روايات كثيرة تصرّح بأنّ الصلاة الوسطى هي صلاة الظّهر (١). والتأكيد على هذه الصّلاة كان بسبب حرارة الجو في الصّيف ، أو بسبب انشغال الناس في امور الدنيا والكسب فلذلك كانوا لا يعيرون لها أهميّة ، فنزلت الآية آنفة الذكر تبيّن أهميّة صلاة الوسطى ولزوم المحافظة عليها (٢).
(قانتين) من مادّة (قنوت) وتأتي بمعنيين.
١ ـ الطاعة والإتّباع.
٢ ـ الخضوع والخشوع والتّواضع.
ولا يبعد أن يكون المعنيان مرادين في هذه الآية ، كما ورد في الحديث عن الإمام الصادق عليهالسلام في تفسير الآية (وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ) قال : «إقبال الرّجل على صلاته ومحافظته على وقتها حتّى لا يلهيه عنها ولا يشغله شيء».
وفي رواية اخرى قال :
وفي الآية الثانية تؤكّد على أنّ المسلم لا ينبغي له ترك الصلاة حتّى في أصعب الظروف والشّرائط كما في ميدان القتال ، غاية الأمر أنّ الكثير من شرائط الصّلاة في هذا الحال تكون غير لازمة كالاتّجاه نحو القبلة وأداء الرّكوع والسّجود بالشكل الطبيعي ، ولذا تقول الآية (فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً).
سواء كان الخوف في حال الحرب أو من خطر آخر ، فإنّ الصّلاة يجب أداءها
__________________
(١) انظر الكتب الفقهية للاستزادة.
(٢) المشهور بين فقهاء الشيعة أن المراد منها «صلاة الظهر» بل ادعي الإجماع على ذلك ومن عدّة روايات معتبرة وردت في كتاب وسائل الشيعة : ج ٣ ص ١٤ الباب ٥ أو هناك قول شاذ وضعيف بأن المراد منها صلاة العصر «وذهب أغلب فقهاء أهل السنّة إلى هذا الرأي» واستدلوا على ذلك بعدّة روايات ضعيفة السند وقد اعرض الأصحاب عنها (لمزيد الإيضاح راجع الكتب الفقهية).