يتعرّضوا لهجوم ، فهم مصونون لأنّهم لا يقاتلون ولا يحملون السلاح.
ثمّ توصي الآية الشريفة بضرورة رعاية العدالة حتّى في ميدان القتال وفي مقابل الأعداء، وتقول : (وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ).
أجل ، فالحرب في الإسلام لله وفي سبيل الله ، ولا يجوز أن يكون في سبيل الله اعتداء ولا عدوان. لذلك يوصي الإسلام برعاية كثير من الأصول الخلقية في الحرب ، وهو ما تفتقر إليه حروب عصرنا أشدّ الافتقار. يوصي مثلا بعدم الاعتداء على المستسلمين وعلى من فقدوا القدرة على الحرب ، أو ليست لديهم أصلا قدرة على الحرب كالشيوخ والنساء والأطفال ، وهكذا يجب عدم التعرّض للمزارع والبساتين ، وعدم اللجوء إلى المواد السامة لتسميم مياه شرب العدوّ كالسائد اليوم في الحروب الكيمياوية والجرثوميّة.
الإمام عليّ عليهالسلام يقول لافراد جيشه ـ كما ورد في نهج البلاغة ـ وذلك قبل شروع القتال في صفين : «لا تقاتلوهم حتّى يبدؤوكم فإنكم بجهد الله على حجّة ، وترككم إيّاهم حتّى يبدؤوكم حجّة اخرى لكم عليهم ، فإذا كانت الهزيمة بإذن الله فلا تقتلوا مدبرا ولا تصيبوا معورا ولا تجهزوا على جريح ، ولا تهيجوا النساء بأذى وإن شتمن أعراضكم وسببن أمراءكم»(١).
والجدير بالذكر أن بعض المفسّرين ذهب طبقا لبعض الروايات أن هذه الآية ناسخة للآية التي تنهى عن القتال من قبيل (كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ) (٢). وذهب آخرون إلى أنها منسوخة بالآية (وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً) (٣). ولكن الصحيح أن هذه الآية لا
__________________
(١) نهج البلاغة ـ الكتب والرسائل ـ رقم ١٤.
(٢) سورة النساء ، ٧٧.
(٣) التوبة ، ٣٦.