النفر المؤمن القليل خارجا من المدينة إلى ميادين الجهاد.
إلّا أنّ هذا الجيش الصغير انتابه القلق من قلّته ، فقالوا لطالوت : إننا لا طاقة لنا بمقابلة جيش قويّ كثير العدد. غير أنّ الذين كان لهم إيمان راسخ بيوم القيامة ، وكانت محبّة الله قد ملأت قلوبهم ، لم يرهبوا كثرة العدوّ وقلّة عددهم ، فخاطبوا طالوت بكلّ شجاعة قائلين : قرّر ما تراه صالحا ، فنحن معك حيثما ذهبت ، ولسوف نجالدهم بهذا العدد القليل بحول الله وقوّته ، ولطالما انتصر جيش صغير بعون الله على جيش كبير ، والله مع الصابرين.
فاستعدّ طالوت بجماعته القليلة المؤمنة للحرب ، ودعوا الله أن يمنحهم الصبر والثبات،وعند التقاء الجيشين خرج جالوت من بين صفوف عسكره وطلب المبارزة بصوت قوي أثار الرعب في القلوب ، فلم يجرأ أحد على منازلته ، في تلك اللحظة خرج شاب اسمه داود من بين جنود طالوت ، ولعلّه لصغر سنّه ، لم يكن قد خاض حربا من قبل ، بل كان قد جاء إلى ميدان المعركة بأمر من أبيه ليكون بصحبة اخوته في صفوف جيش طالوت. ولكنّه كان سريع الحركة خفيفها ، وبالمقلاع الذي كان بيده رمى جالوت بحجرين ـ بمهارة شديدة ـ فأصابا جبهته ورأسه ، فسقط على الأرض ميّتا وسط تعجّب جيشه ودهشتهم. وعلى أثر ذلك استولى الرعب والهلع على جيش جالوت ، ولم يلبثوا حتّى ركنوا إلى الفرار من أمام جنود طالوت وانتصر بنو إسرائيل (١).
التّفسير
نعود إلى تفسير الآيات محلّ البحث في أوّل آية يخاطب الله تعالى نبيّه الكريم ويقول:(أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى إِذْ قالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ
__________________
(١) عن مجمع البيان والدر المنثور وقصص القرآن باختصار.