الحكومة ، وبهذه المناسبة يشير تعبير (ممّا) أنّ هذا الإنفاق يكون بجزء من المال الّذي يملكه الشخص لا كلّه.
وقد رجّح المرحوم (الطبرسي) في مجمع البيان شموليّة الآية للإنفاق الواجب والمستحب ، وذهب إلى أنّ ذيل الآية لا يعتبر تهديدا ، بل هو إخبار عن الحوادث المخوفة يوم القيامة (١).
ولكن مع ملاحظة آخر جملة في هذه الآية الّتي تقول إنّ الكافرين هم الظالمون يتضح أنّ ترك الإنفاق نوع من الكفر والظلم ، وهذا لا يكون إلّا في الإنفاق الواجب.
ثمّ تضيف الآية (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفاعَةٌ) (٢).
عليكم أن تنفقوا ما دمتم اليوم قادرين على ذلك ، لأنّ العالم الآخر الذي هو محلّ حصاد ما زرعتموه في الدنيا لن يتسنى لكم فيه أن تفعلوا شيئا ، فلا معاملات ولا صفقات تجارية تستطيعون بها أن تشتروا السعادة والخلاص من العقاب ، ولا هذه الصداقات الماديّة التي تكسبونها في الدنيا بأموالكم تنفعكم في شيء هناك ، لأنّ أصدقاءكم أنفسهم يعانون نتائج أعمالهم ولا يدفعون من أنفسهم للآخرين ، ولا تنفعكم شفاعة ، لأنكم بتخلّفكم حتّى عن الإنفاق الواجب لم تفعلوا ما هو جدير بأن يشفع لكم. وعليه فإنّ جميع أبواب النجاة مسدودة بوجوهكم.
(وَالْكافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ) لأنهم بتركهم الإنفاق والزكاة يظلمون أنفسهم ويظلمون الناس.
ويريد القرآن في هذه الآية أن يوضّح ما يلي :
__________________
(١) مجمع البيان : ج ١ وج ٢ ص ٣٦٠.
(٢) «خلّة» مأخوذة من مادة «خلل» بمعنى الفاصلة بين شيئين وبما أن المحبّة والصداقة تحل في وجود الإنسان وروحه وتملأ الفواصل لذا أطلقت هذه المفردة على الصداقة العميقة.