القوائم المرتفعة. ولمّا كان الأستاذ أو المعلّم يجلس أحيانا على كرسي أثناء التدريس ، فقد انتقل اسم «الكرسي» ليدلّ على العلم ، وقد يستعمل رمزا للسلطة والسيطرة أو يكون كناية عن الحكومة والحكم.
في هذه الآية نقرأ عن كرسيّ الله أنّه يسع السماوات والأرض. وعليه فيمكن أن يكون للكرسيّ عدّة معان :
١ ـ منطقة نفوذ الحكم : أي أنّ حكم الله نافذ في السماوات والأرض وأنّ منطقه نفوذه تشمل كلّ مكان ، أي أنّه يشمل عالم المادّة برمّته ، بما فيه من أرض ونجوم ومجرّات وسدم.
وعلى هذا يكون «العرش» مرحلة أرفع وأعظم من عالمنا المادّي هذا ، لأنّ العرش ـ كما قلنا ـ يعني السقف أو المسقّف أو مقعدا أعلى من الكرسي. وبهذا يشمل العرش عالم الأرواح والملائكة وما وراء الطبيعة ، وهذا يكون بالطبع إذا وضع الكرسي في قبال العرش بحيث يعني الأوّل «عالم المادّة والطبيعة» ويعني الثاني «عالم ما وراء الطبيعة».
وللعرش معان أخرى كما سيأتي في تفسير الآية ٥٣ من سورة الأعراف ، خاصّة إذا لم يذكر في قبال الكرسي ، وعندئذ يمكن أن يكون بمعنى عالم الوجود كلّه.
٢ ـ منطقة نفوذ العلم : أي أنّ علم الله يحيط جميع السماوات والأرض وأنّ ما من شيء يخرج عن منطقة نفوذ علمه ، لأنّ الكرسي ـ كما قلنا ـ قد يكون كناية عن العلم. وهناك أحاديث كثيرة تعتمد هذا المعنى ، من ذلك ما رواه حفص بن غياث عن الإمام الصادق عليهالسلام أنّه سأله عن معنى (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) قال :هو العلم (١).
__________________
(١) نور الثقلين : ج ١ ص ٢٥٩ ح ١٠٣٩.