أديانهم بالقوّة والإكراه جائزا في الإسلام ، لكان الأولى أن يجيز للأب ذلك لحمل ابنه على تغيير دينه ، في حين أنّه لم يعطه مثل هذا الحقّ.
ومن هنا يتّضح أنّ هذه الآية لا تنحصر بأهل الكتاب فقط كما ظنّ ذلك بعض المفسّرين ، وكذلك لم يمسخ حكم هذه الآية كما ذهب إلى ذلك آخرون ، بل أنّه حكم سار وعام ومطابق للمنطق والعقل.
ثمّ أنّ الآية الشريفة تقول كنتيجة لما تقدّم (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى لَا انْفِصامَ لَها).
(الطاغوت) صيغة مبالغة من طغيان ، بمعنى الاعتداء وتجاوز الحدود ، ويطلق على كلّ ما يتجاوز الحدّ. لذلك فالطاغوت هو الشيطان والصنم والمعتدي والحاكم الجبّار والمتكبّر، وكلّ معبود غير الله ، وكلّ طريق لا ينتهي إلى الله. وهذه الكلمة تعني المفرد وتعني الجمع.
أمّا المقصود بالطاغوت ، فالكلام كثير بين المفسّرين. قال بعض إنّه الصنم ، وقال بعض إنّه الشيطان ، أو الكهنة ، أو السحرة ، ولكن الظاهر أنّ المقصود هو كلّ أولئك ،بل قد تكون أشمل من كلّ ذلك ، وتعني كلّ متعدّ للحدود ، وكلّ مذهب منحرف ضال.
إنّ الآية في الحقيقة تأييد للآيات السابقة التي قالت أن (لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ)،وذلك لأنّ الدين يدعو إلى الله منبع الخير والبركة وكلّ سعادة ، بينما يدعو الآخرون إلى الخراب والانحراف والفساد. على كلّ حال ، إنّ التمسّك بالإيمان بالله هو التمسّك بعروة النجاة الوثقى التي لا تنفصم.
(وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ).
الإشارة في نهاية الآية إلى الحقيقة القائلة إنّ الكفر والإيمان ليسا من الأمور الظاهرية،لأنّ الله عالم بما يقوله الناس علانية ـ وفي الخفاء ـ وكذلك هو عالم بما