وما أكثر الأشخاص الذين نجدهم في الحالات الطبيعيّة أفراد معتدلين ومؤمنين، ولكن عند ما يصلون إلى مقام أو ينالون ثروة فأنّهم ينسون كلّ شيء ويسحقون كلّ المقدّسات.
وتضيف الآية أنّ ذلك الجبّار سأل إبراهيم عن ربّه : من هو الإله الذي تدعوني إليه؟(إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ).
الواقع أنّ أعظم قضيّة في العالم هي قضيّة الخلقة ، يعني قانون الحياة والموت الذي هو أوضح آية على علم الله وقدرته.
ولكن نمرود الجبّار اتّخذ طريق المجادلة والسفسطة وتزييّف الحقائق لإغفال الناس والملأ من حوله فقال : إنّ قانون الحياة والموت بيدي (قالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ).
ومن أجل إثبات هذه الدعوى الكاذبة استخدم حيلة كما ورد في الرواية المعروفة حيث أمر بإحضار سجينين أطلق سراح أحدهما وأمر بقتل الآخر ، ثمّ قال لإبراهيم والحضّار: أرأيتم كيف أحيي وأميت.
ولكنّ إبراهيم قدّم دليلا آخر لإحباط هذه الحيلة وكشف زيف المدّعي بحيث لا يمكنه بعد ذلك من إغفال النّاس فقال : (قالَ إِبْراهِيمُ فَإِنَّ اللهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ) وهنا ألقم هذا المعاند حجرا (فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ).
وبهذا أسقط في يدي العدوّ المغرور ، وعجز عن الكلام أمام منطق إبراهيم الحيّ،وهذا أفضل طريق لاسكات كلّ عدوّ عنيد. بالرغم من أنّ مسألة الحياة والموت أهم من قضيّة حركة الشمس وشروقها وغروبها من حيث كونها برهانا على علم الله وقدرته ، ولهذا السبب أورده إبراهيم دليلا أوّل ، ولو كان في ذلك المجلس عقلاء ومتفكّرون لاكتفوا بهذا الدليل واقتنعوا به ، إذ أنّ كلّ شخص يعرف