الأموات إلى الحياة مرّة اخرى ، ففكّر وتأمّل في نفسه أنّه لو حصل مثل هذا الحادث لبدن الإنسان وأصبح طعاما لحيوانات كثيرة ، وكان بالتالي جزء من بدن تلك الحيوانات ، فكيف يحصل البعث ويعود ذلك الجسد الإنساني نفسه إلى الحياة؟
فخاطب إبراهيم عليهالسلام ربّه وقال : (رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى).
فأجابه الله تعالى : أو لم تؤمن بالمعاد؟ فقال عليهالسلام : بلى ولكن ليطمئّن قلبي.
فأمره الله أن يأخذ أربعة طيور ويذبحها ويخلط لحمها ، ثمّ يقسّمها عدّة أقسام ويضع على كلّ جبل قسما منها ، ثمّ يدعو الطيور إليه ، وعندئذ سوف يرى مشهد يوم البعث، فامتثل إبراهيم للأمر واستولت عليه الدهشة لرؤيته أجزاء الطيور تتجمّع وتأتيه من مختلف النقاط وقد عادت إليها الحياة.
وثمّة تفسير آخر للآية نقله الفخر الرازي عن أحد المفسّرين يدعى (أبو مسلم) يخالف آراء بقيّة المفسّرين ولكنّنا نذكره هنا لئنّ مفسّرا معاصرا وهو صاحب المنار قد اختار هذا الرأي.
يقول هذا المفسّر : ليس في هذه الآية ما يدلّ على أنّ إبراهيم عليهالسلام ذبح الطيور وبعد ذلك عادت إلى الحياة من جديد بأمر الله تعالى ، بل أنّ الآية في صدد بيان مثال لتوضيح مسألة المعاد ، يعني أنّك يا إبراهيم خذ أربعة من الطير فضمّها إليك حتّى تستأنس بك بحيث تعجيب دعوتك إذا دعوتها ، فإنّ الطيور من أشدّ الحيوانات استعدادا لذلك ، ثمّ اجعل كلّ واحدة منهنّ على جبل ثمّ ادعها ، فإنّها تسرع إليك ، وهذه المسألة اليسيرة بالنسبة لك تماثل في سهولتها ويسرها مسألة إحياء الأموات وجمع إجزائها المتناثرة بالنسبة إلى الله تعالى.
فعلى هذا يكون أمر الله تعالى لإبراهيم عليهالسلام في الطيور الأربعة لا يعني أن يقدم إبراهيم على هذا العمل حتما ، بل أنّه مجرّد بيان مثال وتشبيه كأن يقول شخص