الظلم واحتكار الثروة ، نستطيع أن نفهم معنى هذه الآية بوضوح.
كما أنّ الآية تفيد أيضا أنّ هناك نوعا من الارتباط بين ترك الإنفاق والفحشاء. فإذا كانت الفحشاء تعني البخل ، فتكون علاقتها بترك الإنفاق هو أنّ هذا الترك يكرّس صفة البخل الذميمة في الإنسان شيئا فشيئا. وإذا كانت تعني الإثم مطلقا أو الفحشاء في الأمور الجنسية فإن علامة ذلك بترك الإنفاق لا تخفى ، إذ أنّ منشأ كثير من المعاصي والانحرافات الجنسية هو الفقر والحاجة. يضاف إلى ذلك أن للإنفاق آثارا ونتائج معنوية مباركة لا يمكن إنكارها.
(وَاللهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً).
جاء في تفسير «مجمع البيان» عن الإمام الصادق عليهالسلام : أنّ في الإنفاق شيئين من الله وشيئين من الشيطان ، فاللذان من الله هما غفران الذنوب والسعة في المال ، واللذان من الشيطان هما الفقر والأمر بالفحشاء».
وعليه فإنّ المقصود بالمغفرة هو غفران الذنوب ، والمقصود بالفضل هو ازدياد رؤوس الأموال بالإنفاق ، كما رواه ابن عبّاس.
وقد جاء عن الإمام علي أمير المؤمنين عليهالسلام أنّه قال : «إذا أملقتم فتاجروا الله بالصدقة» (١).
(وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ).
في هذا إشارة إلى أنّ لله قدرة واسعة وعلما غير محدود ، فهو قادر على أن يفي بما يعد ، ولا شكّ أنّ المرء يطمئّن إلى هذا الوعد ، لا كالوعد الذي يعده الشيطان المخادع الضعيف الذي يجرّ المرء إلى العصيان ، فالشيطان ضعيف وجاهل بالمستقبل ، ولذلك ليس وعده سوى الضلال والتحريض على الإثم.
* * *
__________________
(١) نهج البلاغة : الكلمات القصار : رقم ٢٥٨.