تقول الآية إنّ من بلغته نصيحة الله بتحريم الربا واتّعظ فله الأرباح التي أخذها من قبل «أي أنّ القانون ليس رجعيا» لأنّ القوانين الرجعية تولد الكثير من المشاكل والاضطرابات في حياة الناس ، ولذلك فإنّ القوانين تنفّذ عادة من تاريخ سنّها.
وهذا لا يعني بالطبع أنّ للمرابين أن يتقاضوا أكثر من رؤوس أموالهم من المدينين بعد نزول الآية ، بل المقصود إباحة ما جنوه من أرباح قبل نزول الآية.
ثمّ يقول (وَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ) أي أنّ النظر إلى أعمال هؤلاء يوم القيامة يعود إلى الله ، وإن كان ظاهر الآية يدلّ على أنّ مستقبل هؤلاء من حيث معاقبتهم أو العفو عنهم غير واضح ، ولكن بالتوجّه إلى الآية السابقة نفهم أنّ القصد هو العفو. ويظهر من هذا أنّ إثم الربا من الكبر بحيث إنّ حكم العفو عن الذين كانوا يتعاطونه قبل نزول الآية لا يذكر صراحة.
وردت احتمالات اخرى في معنى هذه الجملة ، أعرضنا عن ذكرها كونها خلاف الظاهر (١).
(وَمَنْ عادَ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ).
أي أنّ من يواصل تعاطي الربا على الرغم من كلّ تلك التحذيرات ، فعليه أن ينتظر عذابا أليما في النار دائما.
إنّ العذاب الخالد لا يكون نصيب من آمن بالله. لكن الآية تعد المصرّين على الربا بالخلود في النار ، ذلك لأنّهم بإصرارهم هذا يحاربون قوانين الله ، ويلجّون في ارتكاب الإثم ، وهذا دليل على عدم صحّة إيمانهم ، وبالتالي فهم يستحقّون الخلود في النار.
__________________
(١) تفسير القرطبي : ج ٢ ص ١٦٩ ، هنا ذكر أربع تفاسير ، وفي مجمع البيان ذيل الآية مورد البحث وذكرت احتمالات عديدة اخرى أيضا.