إطلاقا ، لذلك يمكن القول بأنّ كلّ الأحكام يمكن تقييدها وتفسيرها بهذه الآية حيث تتحدّد في إطار قدرة الإنسان ، ومن البديهي أنّ المشرّع الحكيم والعادل لا يمكن أن يضع قانونا على نحو آخر.
كما أنّ الآية تؤكّد أنّ الأحكام الشرعيّة لا تنفصل أبدا عن أحكام العقل والحكمة،بل هي متواكبة معها في كلّ المراحل.
ثمّ تضيف الآية (لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ).
أجل فإنّ كلّ شخص يحصد ما جنته يداه حسنا كان أم سيئا ، وسيواجه في هذا العالم أو في العالم الآخر نتائج وعواقب هذه الأعمال ، فالآية تنبّه الناس إلى مسئولياتهم وعواقب أعمالهم ، أو تفنّد الأساطير التي تبرئ بعض الناس من عواقب أعمالهم ، أو تجعلهم مسئولين عن أعمال الآخرين دون دليل.
وتجدر الإشارة إلى أنّ الآية تطلق على الأعمال الصالحة اسم «الكسب» وعلى الأعمال السيّئة اسم «الاكتساب». ولعلّ السبب هو أنّ «الكسب» يستعمل بالنسبة إلى الأمور التي يحقّقها المرء برغبة داخلية وبلا تكليف وهي تناسب فطرته ، بينما «الاكتساب» هو النقطة المقابلة للكسب ، أي الأعمال التي تنافي الفطرة وطبيعة الإنسان. يفهم من هذا أنّ الأعمال الصالحة مطابقة لمسيرة الفطرة وطبيعة الإنسان ، بينما أعمال الشرّ تخالف الفطرة والطبيعة.
أمّا الراغب الإصفهاني في «مفرداته» فيرى رأيا غير هذا وجدير بالملاحظة يقول:الكسب ما يتحرّاه الإنسان ممّا فيه اجتلاب نفع وتحصيل حظّ ككسب المال ، ويقال فيما أخذه لنفسه ولغيره (كأعمال الخير التي لا تقتصر فائدتها على الفاعل وحده ، بل قد تعمّ الأقارب وغيرهم) في حين أنّ الاكتساب لا يقال إلّا فيما تعود نتائجه على الفاعل نفسه ، وهو الذنب. هذه الاختلافات في المعنى تصلح طبعا عند ما تستعمل الواحدة في قبال الاخرى.