(رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا).
«الإصر» عقد الشيء وحبسه. وتطلق على الحمل الثقيل الذي يمنع المرء من الحركة. وكذلك العهد المؤكّد الذي يقيّد الإنسان. ولهذا تطلق هذه الكلمة على العقاب أيضا.
وفي هذا المقطع من الآية يطلب المؤمنون من الله تعالى طلبين : الأوّل أن يرفع عنهم الفروض الثقيلة التي قد تمنع الإنسان من إطاعة الله ، وهذا هو ما ورد على لسان النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم بشأن التعاليم الإسلامية ، إذ قال «بعثت بالشريعة السهلة السمحة»(١).
هنا قد يسأل سائل : إذا كانت السهولة والسماحة في الدين جيّدة ، فلما ذا لم يكن للأقوام السابقة مثلها؟
في الجواب نقول : تفيد آيات في القرآن أنّ التكاليف الشاقّة لم تكن موجودة في أصل شرائع الأديان السابقة ، بل فرضت كعقوبات على أثر عصيان تلك الأقوام وعدم إطاعتها، كحرمان بني إسرائيل من أكل بعض اللحوم المحلّلة بسبب عصيانهم المتكرّر (٢).
وفي الطلب الثاني يريدون منه أن يعفيهم من الامتحانات الصعبة والعقوبات التي لا تطاق (وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ). ونرى في الفقرة السابقة صيغة (لا تَحْمِلْ)، وهنا نرى عبارة (لا تَحْمِلْ) ، فالأولى تستعمل عادة في الأمور الصعبة ، والثانية فيما لا يطاق.
فاعف عنا واغفر لنا وارحمنا.
«عفا» بمعنى أزال آثار الشيء ، وأكثر استعمالها مع الذنب بمعنى محو آثار
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ٦٥ ص ٣١٩ ط بيروت ، وورد مثله في فروع الكافي : ج ٥ ص ٤٩٤ باب كراهة الرهبانية.
(٢) الأنعام : ١٤٦ ، النساء : ١٦٠.