مثلها ممّا تتعلّق بالعقائد والأحكام والمواعظ والتواريخ ، فهي كلّها من «المحكمات».
هذه الآيات المحكمات تسمّى في القرآن «أمّ الكتاب» أي هي الأصل والمرجع والمفسّرة والموضّحة للآيات الأخرى.
و «المتشابه» هو ما تتشابه أجزاؤه المختلفة. ولذلك فالجمل والكلمات التي تكون معانيها معقّدة وتنطوي على احتمالات مختلفة ، توصف بأنّها «متشابهة».
وهذا هو المقصود من وصف بعض آيات القرآن بأنها «متشابهات» ، أي الآيات التي تبدو معانيها لأوّل وهلة معقّدة وذات احتمالات متعدّدة ، ولكنّها تتّضح معانيها بعرضها على الآيات المحكمات.
وعلى الرغم من أنّ المفسّرين أوردوا احتمالات متعدّدة في تفسير «المحكم» و «المتشابه» (١) ، ولكن الذي قلناه يناسب المعنى الأصلي لهذين المصطلحين كما يتّفق مع سبب نزول الآية ، وكذلك مع الأحاديث الواردة في تفسير هذه الآية ، ومع الآية نفسها، لأنّنا نقرأ بعد ذلك أن المغرضين يتّخذون من الآيات المتشابهات وسيلة لإثارة الفتنة. وهم بالطبع يبحثون لهذا الغرض عن الآيات التي لها تفسيرات متعدّدة. وهذا نفسه يدلّ على أن معنى «المتشابه» هو ما قلناه.
ويمكن إدراج بعض الآيات التي تخصّ صفات الله والمعاد كنماذج من الآيات المتشابهات ، مثل (يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ) (٢) بشأن قدرة الله ، (وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (٣) بشأن علم الله ، و (وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ) (٤) بشأن طريقة حساب الأعمال.
بديهيّ أنّ الله لا يد له «بمعنى العضو» ولا أذن «بالمعنى نفسه» ولا ميزان مثل
__________________
(١) ذكر «الطبرسي» في مجمع البيان خمسة تفاسير لذلك ، وذكر «الفخر الرازي» أربعة أقوال و «العلّامة» في الميزان ستة عشر قولا وفي «البحر المحيط» عشرين قولا تقريبا عن تفسيرها.
(٢) الفتح : ١٠٠.
(٣) البقرة : ٢٢٤.
(٤) الأنبياء : ٤٧.