ولكنّ لا يبعد أن تعود كليهما إلى الهداية ، لأنّ الهديّة تعني الشيء الّذي يهدى إلى الشخص الآخر ، أي يساق إليه هديّة (فتأمّل بدّقة).
٦ ـ ثمّ أنّ الآية تبيّن حكم الأشخاص الغير قادرين على ذبح الهدي في حجّ التمتع فتقول : (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ).
فعلى هذا فلو لم يجد الإنسان أضحية أو أنّ وضعه المالي لا يطيق ذلك فيجب عليه جبران ذلك بصيام عشرة أيّام ، يصوم ثلاثة أيّام منها (يوم السابع والثامن والتاسع من ذي الحجّة) في أيّام الحجّ ـ وهذه هي من الأيّام الّتي يجوز فيها الصوم في السفر ـ ويأتي بصيام سبعة أيّام بعد ذلك حين العودة إلى الوطن.
واضح أن مجموع ثلاثة أيّام في الحج وسبعة بعد الرجوع يساوي عشرة ، لكنّ القرآن عاد فأكّد بأنّها عشرة كاملة.
بعض المفسّرين قال في تفسير هذه الجملة أن الواو تأتي للجمع وتأتي أحيانا للتخيير بمعنى (أو) ، ومن أجل رفع توهّم التخيير أكّدت الآية على رقم عشرة ، ويحتمل أيضا أن التعبير بكلمة (كاملة) إشارة إلى أنّ صوم الأيّام العشرة يحلّ محل الهدي بشكل كامل ، ولهذا ينبغي للحجاج أن يطمأنّوا لذلك وأنّ جميع ما يترتّب على الأضحية من ثواب وبركة سوف يكون من نصيبهم أيضا.
وقال بعضهم : إنّ هذا التعبير إشارة إلى نكتة لطيفة في العدد (عشرة) لأنّه من جانب أكمل الأعداد ، لأنّ الأعداد تتصاعد من واحد يتصل إلى عشرة بشكل تكاملي، ثمّ بعد ذلك تترتّب من عشرة وأحد الأعداد الاخرى لتكون أحد عشر واثني (١) عشر ... حتّى تصل إلى عشرين أي ضعف العدد عشرة ثمّ ثلاثين وهكذا.
__________________
(١) «عشرون» و «عشرين» وإن كان على شكل الجمع ، ولكن يطلق الجمع أحيانا على الاثنين وما علا.