(فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ).
ثمّ يسأل أهل الكتاب والمشركين إن كانوا هم أيضا قد أسلموا لله واتّبعوا الحقّ فعليهم أن يخضعوا للمنطق (وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا) فإذا لم يستسلموا للحقيقة المعروضة أمامهم ، فإنّهم لا يكونون قد أسلموا لله. عندئذ لا تمضي في مجادلتهم ، لأنّ الكلام في هذه الحالة لا تأثير له ، وما عليك إلّا أن تبلّغ الرسالة لا غير (وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ).
ومن الواضح أن المراد ليس هو التسليم اللساني والادعائي ، بل التسليم الحقيقي والعملي في مقابل الحق ، فلو أنهم خضعوا حقيقة للكلام الحق ، فلا بدّ أن يؤمنوا بدعوتك القائمة على المنطق والدليل الواضح ، وإلّا فإنهم غير مستسلمين للحق.
والخلاصة : إن وظيفتك هي إبلاغ الرسالة المشفوعة بالدليل والبرهان ، فلو كانت لديهم روحية البحث عن الحقيقة فسوف يؤمنون حتما ، وإلّا فإنك قد أديت واجبك تجاههم.
وفي الختام يقول : (وَاللهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ) فهو سبحانه يعلم المدّعي من الصادق وكذلك أغراض ودوافع المتحاجّين ، ويرى أعمالهم الحسنة والقبيحة ويجازي كلّ شخص بعمله.
* * *
بحوث
١ ـ يستفاد من الآية ضمنيّا لزوم تجنّب مجادلة المعاندين الذين لا يخضعون للمنطق السليم.